خبرين مختلفين :
لو صحّ الخبران جميعا ، لكان الواجب الأخذَ بقول الأخير ، كما أمر به الصادق عليه السلام ؛ وذلك أنّ الأخبارَ لها وجوهٌ ومعانٍ، وكلّ إمام أعلم بزمانه وأحكامه عن غيره من الناس . انتهى . ۱
أقول : الأخذ بقول الأخير أو بالقول الأخير إن علم التاريخ ، إمّا من جهة طروّ حالٍ يقتضي ذلك كالتقيّة ، أو لزوال حالة قد عُرضت قبل، واقتضت الأخذَ بالقول الأوّل .
ثمّ إنّ الإمام عليه السلام لم يشترط في العمل الفحصَ عن الحكم الواقعي بالعرض على أخبار العامّة أو بغيره من الوجوه ، فظهر من جميع ذلك أن ليس غرضهم في زمان الهُدْنة تحصيلَ الظنّ بالحكم الواقعي ، بل العمل بالحكم الواصلي إطاعةً وتسليما .
الصنف التاسع : في الأخذ بالخبر المشتهر بين أصحاب الأئمّة عليهم السلام ، وترك الشاذّ النادر .
في كتاب غوالي اللآلي لمحمّد بن جمهور الأحسائي أنّه قال :
روى العلّامة مرفوعا إلى زرارة بن أعين، قال : سألت الباقر عليه السلام ، فقلت : جُعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما آخذ ؟ فقال عليه السلام : «يازرارة ، خُذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودَعِ الشاذّ النادر» إلى أن قال : «إذن خُذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط» . ۲
الصنف العاشر : ما في رواية عمر بن حنظلة المسمّاة بالمقبولة الجامعة لوجوه من الترجيحات المشعرة بالترتيب في باب اختلاف الحديث بالإسناد عن عمر بن حنظلة، قال :
سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَيْنٍ أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان أو القضاة ، أيحلّ ذلك ؟ قال : «مَن تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ، فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سُحتا وإن كان حقّا ثابتا ؛ لأنّه أخَذَه