95
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

خبرين مختلفين :
لو صحّ الخبران جميعا ، لكان الواجب الأخذَ بقول الأخير ، كما أمر به الصادق عليه السلام ؛ وذلك أنّ الأخبارَ لها وجوهٌ ومعانٍ، وكلّ إمام أعلم بزمانه وأحكامه عن غيره من الناس . انتهى . ۱
أقول : الأخذ بقول الأخير أو بالقول الأخير إن علم التاريخ ، إمّا من جهة طروّ حالٍ يقتضي ذلك كالتقيّة ، أو لزوال حالة قد عُرضت قبل، واقتضت الأخذَ بالقول الأوّل .
ثمّ إنّ الإمام عليه السلام لم يشترط في العمل الفحصَ عن الحكم الواقعي بالعرض على أخبار العامّة أو بغيره من الوجوه ، فظهر من جميع ذلك أن ليس غرضهم في زمان الهُدْنة تحصيلَ الظنّ بالحكم الواقعي ، بل العمل بالحكم الواصلي إطاعةً وتسليما .
الصنف التاسع : في الأخذ بالخبر المشتهر بين أصحاب الأئمّة عليهم السلام ، وترك الشاذّ النادر .
في كتاب غوالي اللآلي لمحمّد بن جمهور الأحسائي أنّه قال :
روى العلّامة مرفوعا إلى زرارة بن أعين، قال : سألت الباقر عليه السلام ، فقلت : جُعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما آخذ ؟ فقال عليه السلام : «يازرارة ، خُذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودَعِ الشاذّ النادر» إلى أن قال : «إذن خُذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط» . ۲
الصنف العاشر : ما في رواية عمر بن حنظلة المسمّاة بالمقبولة الجامعة لوجوه من الترجيحات المشعرة بالترتيب في باب اختلاف الحديث بالإسناد عن عمر بن حنظلة، قال :
سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَيْنٍ أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان أو القضاة ، أيحلّ ذلك ؟ قال : «مَن تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ، فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سُحتا وإن كان حقّا ثابتا ؛ لأنّه أخَذَه

1.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۲۰۳ ، ذيل ۵۴۷۲.

2.عوالي اللآلي، ج ۴ ، ص ۱۳۳ ، ح ۲۲۹ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ ، ح ۵۷ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
94

وفي مبحث الصيد : «إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا» . ۱
الصنف السابع : في العمل بالخبر إذا وُجد عليه شاهد أو شاهدان من الكتاب ، وإلّا فالوقوف ، ثمّ الردّ إليهم عليهم السلام وطلب الاستبانة .
في باب الكتمان من كتاب الكفر والإيمان في جملة حديث : «فإذا جاءكم عنّا حديثٌ ، فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه فَخُذوا به ، وإلّا فَقِفوا عنده ، ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم» . ۲
أقول : ذكر الشاهدين للإشعار بأنّ شهادة الشاهد إذا كانت مفيدة لاطمئنان ضعيف ـ بأن كانت من جهة المفهوم لا المنطوق مثلاً ، ولا تقنع النفس ـ قوّاها بشاهد آخَرَ ، وهذا من باب التسليم لهم عليهم السلام وإطاعتهم كما في سائر رُخَصهم ، لا لتحصيل العلم بحقّيّة متضمّن الخبر ، كما في الشواهد المذكورة قبل .
الصنف الثامن : في الأخذ بالقول الأخير إذا علم التاريخ في باب اختلاف الحديث .
عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «أرأيتَك ، لو حَدَّثْتُك بحديثٍ العامّ ، ثمّ جئتني من قابلٍ ، فَحَدَّثْتُك بخلافه ، بأيّهما كنتَ تأخذ ؟» قال : قلت : كنتُ آخُذُ بالأخير ، فقال : «رحمك اللّه » . ۳
وعن المعلّى بن خنيس، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إذا جاء حديثٌ عن أوّلكم، وحديثٌ عن آخركم، بأيّهما نأخذ ؟ فقال : «خُذوا [به] حتّى يبلُغَكم عن الحيّ [فان بلغكم عن الحيّ] فخذوا بقوله» . وفي حديث : «فخذوا بالأحدث» . ۴
قال الصدوق ـ طاب ثراه ـ في الفقيه في باب الرجل يوصي إلى رجلين حيث نقل

1.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۶۶ ، ح ۱۶۳۱ . وهو في الكافي ، ج ۴ ، ص ۳۹۱ ، باب القوم يجتمعون على الصيد ... ، ح ۱ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۲۲ ، ح ۴ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۶۷ ، ح ۸ .

4.المصدر ، ح ۹ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143743
صفحه از 637
پرینت  ارسال به