119
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
118

شرح

السند ضعيف. و«شمون» بفتح الشين المعجمة وضمّ الميم المشدّدة.
قوله تعالى: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ» .
قال البيضاوي:
وأوحينا إليه وحيا [مقضيّا] مبتوتا.
«فِي الْكِتَابِ» : في التوراة.
«لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ» جواب قسم محذوف، أو قضينا على إجراء القضاء المبتوت مجرى القسم.
«مَرَّتَيْنِ» : إفسادتين؛ اُولاهما مخالفة أحكام التوراة وقتل شعياء وارمياء، وثانيهما: قتل زكريّا ويحيى، وقصد مثل عيسى عليه السلام .
«وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا»۱ ولتستكبرنّ عن طاعة اللّه ، أو لتظلمنّ بالناس.
«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا» : وعد عقاب اُولاهما «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا» بخت نصر عامل لهراسف على بابل وجنوده.
وقيل: جالوت الجزري. وقيل: سنحاريب من أهل نينوى.
«أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ» : ذوي قوّة وبطش في الحرب شديد «فَجَاسُوا» : تردّدوا لطلبكم. وقرئ بالحاء، وهما اخوان. «خِلَالَ الدِّيَارِ» : وسطها للقتل والغارة، فقتلوا كبارهم، وسبّوا صغارهم، وحرقوا التوراة، وخرّبوا المسجد.
والمعتزلة لمّا منعوا تسليط [اللّه ] الكافر على ذلك أوّلوا البعث بالتخلية وعدم المنع.
«وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً» : وكان وعد عقابهم لابدّ أن يفعل.
«ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ» أي الدولة والغلبة «عَلَيْهِمْ» على الذين بعثوا عليكم، وذلك بأن ألقى اللّه في قلب بهمن بن اسفنديار لمّا ورث الملك من جدّه كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم، فردّ اُسراءهم على الشام وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بخت نصر، أو بأن سلّط داود على جالوت فقتله.
«وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرا» ممّا كنتم، والنفير من ينفر مع الرجل من قومه. وقيل: جمع نفر، وهم المجتمعون للذهاب إلى العدوّ. ۲
(قال: قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام وطعن الحسن عليه السلام ).
في القاموس: «طعنه بالرمح ـ كمنعه ونصره ـ طعنا: ضربه ووخزه، فهو مطعون وطعين. وفيه بالقول طعنا وطعنانا». ۳ أقول: الظاهر أنّه إشارة إلى ما فعل جرّاح بن قبيصة الأسدي الخارجي من طعنه عليه السلام بالعصا في ساباط المداين. ويحتمل أن يكون كناية عن قتله عليه السلام ، واحتمال إرادة ما وقع من الناس من الطعن والسبّ والإيذاء والإهانة بالنسبة إليه عليه السلام بعد صلحه مع معاوية، بعيد.
فإن قلت: ظاهر الآية في قصّة بني إسرائيل، فما وجه تفسيره عليه السلام الآية بما فسّره؟
قلت: لعلّ الوجه ما أفاده بعض الأفاضل: أنّه تعالى لما قال قبل هذه الآية: «وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّه ِ تَبْدِيلاً»۴ ، وبيّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّ كلّما وقع في بني إسرائيل يقع مثله في هذه الاُمّة بما سيقع من نظيره فيهم، فإفساد هذه الاُمّة مرّتين إشارة إلى قتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وطعن الحسن عليه السلام . ۵
وقيل: لما كانت بنو اُميّة وقريش وأكثر العرب من أولاد إسرائيل يعقوب عليه السلام ، فمن شاركهم في الإفساد المذكور من غيرهم فحكمه حكمهم، فهو داخل فيهم من باب التغليب. ۶
( «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا» قال: قتل الحسين عليه السلام ).
قال الجوهري:
علا في المكان يعلو علوّا، وعلى في الشرف يعلى علاءً، ويقال: علا أيضا ـ بالفتح ـ يعلى، وعلوتُ الرّجل: غلبته. وعلوته بالسيف: ضربته. وعلا في الأرض: تكبّر، علوّا في هذا كلّه، انتهى. ۷
ويحتمل هنا إرادة كلّ من المعاني الثلاثة الأخيرة، وأمّا الأوّلان فلا يناسبان المقام إلّا بتكلّف، بل ربّما يدّعى امتناع إرادة الثاني، فتدبّر.
«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا» .
يحتمل على تفسيره عليه السلام إرجاع ضمير التثنية إلى الطائفتين اللّتين وعد اللّه سبحانه بتسلّطهما على المفسدين، ونصرتهما للمظلومين، من آل سيّد المرسلين، المفهومتين من قوله تعالى: «لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ» ؛ فإنّه كما فهم منه الظالمون القاهرون، كذلك فهم منه المظلومون المقهورون، فافهم.
فعلى هذا يكون قوله عليه السلام : (فإذا جاء نصر دم الحسين عليه السلام ) إشارة إلى الغرض الأصلي من بعث هذه الطائفة، وبيان سببه مدح المخاطبون في قوله تعالى: «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ» الظالمون وتبعتهم ومن رضى بفعالهم، هذا ما خطر بالبال، وهو عليه السلام أعلم بمراده وأعرف بحقيقة الحال.
«عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ» .
قال الجوهري: «البأس: العذاب، والشدّة في الحرب. بؤس [الرجل] فهو بئيس: أي شديد. والبئيس: الشجاع أيضا». ۸
«فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ» .
في القاموس: «الجوس: طلب الشيء بالاستقصاء، والتردّد خلال [الدور و] البيوت في الغارة، والطواف فيها». ۹
وقال: «خلال الدِّيار: ما حوالي حدودها، وما بين بيوتها». ۱۰
(قومٌ يبعثهم اللّه قبل خروج القائم عليه السلام ) خبر مبتدأ محذوف، أي هم أو تلك العباد قوم، ولعلّ المراد بهم أبو مسلم والمسيّب والمختار وأتباعهم وأضرابهم.
(فلا يدعون) أي لا يتركون، من قولهم: دَعْ ذا، أي اُتركه.
(وترا لآل محمّد إلّا قتلوه).
قال في القاموس: «الوتر ـ [بالكسر] ويفتح ـ : الفرد، أو ما لم يتشفّع من العدد، والذحل، أو الظلم فيه. ووتره ماله: نقصه إيّاه». ۱۱
وقال:
الذحل: الثأر، أو طلب مكافأة بجناية جنيت عليك، أو عداوة اُتيت إليك، أو هو العداوة والحقد. ۱۲
أقول: يحتمل هنا إرادة المعنى الأوّل، أي لا يتركون أحدا ممّن ظلم آل محمّد إلّا ينتقمون منه ويقتلونه.
والأظهر إرادة المعاني الاُخر، أي لا يتركون صاحب وتر، وذحل، أو ظلم، أو نقص، لحقّ آل محمّد إلّا قتلوه.
«وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً» .
خروج القائم عليه السلام . الظاهر أنّ خروج القائم اسم «كان».
وفي تفسير العيّاشي: «قبل خروج القائم»، ۱۳ ولعلّه أظهر، وحينئذٍ اسم «كان» ضمير القوم المبعوثين.
«ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ» .
في القاموس: «الكرّة: المرّة، والحملة» انتهى. ۱۴ وقيل: هي الرجعة. ۱۵ وقد نقلنا من البيضاوي تفسيرها بالدولة والغلبة. ۱۶
(خروج الحسين عليه السلام ).
الظاهر أنّه تفسير للكرّة، وأنّ المخاطبين هنا غير المخاطبين سابقا.
وقال بعض الأفاضل:
يحتمل على بُعد أن يكون الخِطاب في صدر الآية إلى الشيعة الذين قصّروا في نصرة أئمّة الحقّ حتّى ظلموا وقتلوا، فسلّط اللّه عليهم من خرج بعد قتل الحسين عليه السلام كالحجّاج وأبي مسلم وبني العبّاس، فالكرّة لأئمّة هؤلاء المخاطبين على المخالفين.
ثمّ قال: «والظاهر أنّه عليه السلام فسّر الكرّة بالرجعة» انتهى. ۱۷
والظاهر أنّ كلمة «في» في قوله عليه السلام : (في سبعين من أصحابه) بمعنى «مع»، وأنّ المراد بالسبعين أصحابه الذين استشهدوا معه عليه السلام .
(عليهم البيض المذهّب).
البيض ـ بالفتح ـ جمع بيضة: الحديد. وفي القاموس: «الذهب: التبر. وأذهبه: طلاه به، كذهّبه، فهو مُذَّهَبٌ، وذهيب، ومذهب». ۱۸
(لكل بيضة وجهان).
قيل: لعلّ المراد أنّها صُقِلَت وذُهِبَتْ في موضعين: أمامها وخلفها. ۱۹
(المؤدّون إلى الناس) خبر مبتدأ محذوف، أي هم المؤدّون. والجملة حال عن الأصحاب.
(والحجّة القائم بين أظهرهم).
الواو للحال.
(جاء الحجّة الموت).
هو فاعل «جاء»، و«الحجّة» مفعول، والمراد به القائم عليه السلام .
(فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده).
في القاموس: «اللّحد ـ ويضمّ ـ : الشقّ يكون في عرض [القبر]. ولحد القبر ـ كمنع ـ وألحده: عمل له لحدا. والميّت: دفنه». ۲۰
(في حفرته) أي في قبره، وهو بضمّ الحاء وسكون الفاء بدليل جمعه على حُفَر.
(الحسين عليه السلام بن عليّ عليه السلام ).
قيل: إنّما يغسله الحسين عليه السلام ؛ لأنّه من بين الأئمّة شهيد في المعركة، لا يجب عليه الغسل، وإن مات بعد الرجعة أيضا . ۲۱

1.. الإسراء(۱۷): ۴.

2.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۴۲۲ و ۴۲۳.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۴۴ (طعن).

4.الآية في سورة الأحزاب (۳۳): ۶۲؛ والفتح (۴۸): ۲۳، ولم يذكر في المصدر أنّ الآية قبل هذه الآية المذكورة، والظاهر أنّ «قبل هذه الآية» سهو من الشارح رحمه الله.

5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۲۲.

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۷۳.

7.الصحاح، ج ۶، ص ۲۴۳۵ (علو) مع التلخيص.

8.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۹۰۶ (بأس) مع التلخيص.

9.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۰۵ (جوس).

10.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۷۰ (خلل).

11.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۵۲ (وتر) مع التلخيص.

12.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۷۹ (ذحل).

13.تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۲۸۱.

14.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۲۶ (كرر).

15.اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۳۷۸.

16.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۴۳۲.

17.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۲۳.

18.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۷۰ (ذهب).

19.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۲۳.

20.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۳۵ (لحد) مع التلخيص.

21.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۲۳.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 264296
صفحه از 607
پرینت  ارسال به