301
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
300

متن الحديث السادس والعشرين والثلاثمائة

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ رَفَعَهُ ، قَالَ :كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ : «أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ يَسُرُّ الْمَرْءَ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ ، وَيَحْزُنُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ أَبَدا وَإِنْ جَهَدَ ، فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ قَوْلٍ ، وَلْيَكُنْ أَسَفُكَ فِيمَا فَرَّطْتَ فِيهِ مِنْ ذلِكَ ، وَدَعْ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا ، فَلَا تُكْثِرْ عَلَيْهِ حَزَنا ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْهَا فَلَا تَنْعَمْ بِهِ سُرُورا ، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالسَّلَامُ» .

شرح

السند ضعيف.
قوله عليه السلام : (فقد يسرّ المرء).
«يسرّ» من السرور، و«المرء» مفعوله. وقوله: (ما لم يكن ليفوته) فاعله.
(ويحزنه ما لم يكن ليصيبه أبدا).
الحزن: خلاف السرور. وحزنه ـ كنصر ـ : جعله حزينا.
(وإن جهد) أي وإن بذل وسعه في تحصيله، وبلغ غاية مجهوده.
والحاصل: أنّ المقدّر لا يفوت، وغير المقدّر لا يُدرك، فلا ينبغي السرور بحصول الأوّل، والحزن بفوات الثاني. هذا إذا كان الحاصل، أو الفائت من اُمور الدُّنيا والنافعة فيها، وأمّا إذا كان من الاُمور والمنافع المتعلّقة بالآخرة، فينبغي له أن يسرّ بحصوله، ويحزن بفواته، كما أشار إليه بقوله: (فليكن سرورك بما قدّمت من عملٍ صالح أو حكم).
الحكم ـ بالضمّ ـ : القضاء. والمراد هنا الحكومة بالعدل بين الناس. والحكم أيضا: الحكمة، وهي بالكسر: العدل، والعلم. والحكم، والحِكم ـ كعنب ـ : جمع الحكمة.
(أو قول) أي كلام نافع، وهو القول الحقّ.
(وليكن أسفك فيما فرّطت فيه).
الأسف ـ محرّكة ـ : أشدّ الحزن، وفعله كفرح.
وفرّط الشيء، وفيه تفريطا: ضيّعه. وقدّم العجز فيه وقصّر.
وكلمة «من» في قوله عليه السلام : (من ذلك) بيان للموصول الثاني، وذلك إشارة إلى الحكم وتالييه (ودع) أي اترك.
(ما فاتك من الدُّنيا) ولا تهتمّ بتحصيله.
(فلا تكثر عليه) أي على فواته.
(حزنا).
يُقال: أكثر، أي أتى بكثير.
والحُزن ـ بالضمّ، وبالتحريك ـ : الهمّ، نصبه على التمييز.
وكلمة «ما» في قوله: (وما أصابك منها) شرطيّة، وجوابه قوله: (فلا تنعم به سرورا)
قال الفيروزآبادي:
التنعّم: الترفّه، والاسم: النعمة بالفتح. نعم ـ كسمع، ونصر، وضرب، ومَنزلٌ ينعمهم ـ مثلّثة ـ وينعمهم، كيكرمهم. والمنعّمة، كمعظّمة: الحسنة العيش. والغذاء والنعمة بالكسر: المسرّة. ونعم اللّه بك ـ كسمع ـ ونعمك، وأنعم بك عينا: أقرَّ بك عين مَن تحبّه، أو أقرَّ عينك بمَن تحبّه. ونعم العود ـ كفرح ـ : أخضرّ، ونضر. وأنعم أن يحسن: زاد. وفي الأمر: بالغ. وأنعم اللّه صباحك من النُعُومة. ۱
ولك تطبيق عبارة الحديث بكلّ من تلك المعاني بنوع من التقريب.
ونصب «سرورا» على بعض الاحتمالات بالمصدريّة، وعلى بعضها بالتميز، وحاصل الجمع: إنّك إذا أصبت من الدُّنيا شيئا، فلا تتلذّذ منه كلّ اللّذّة، ولا تتملّاء منه كلّ التملّئ، ولا تعتن بها وبزخارفها، واصرف همّك في تحصيل الآخرة ونعيمها، كما قال: (وليكن همّك فيما بعد الموت).
وقال بعض الأفاضل:
قوله عليه السلام : «فقد يسرّ المرء» إلى آخره، إشارة إلى قوله تعالى: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللّه ِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللّه ُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ»۲ .
قال:
ولعلّ المراد بالآية والخبر نفي الأسى المانع عن التسليم لأمر اللّه ، والفرح الموجب للبطر والاختيال بقرينة ذكر الاختيال والفخر في الآية. ويحتمل أن يكون المراد نفي الحزن الناشئ من توهّم أنّه كان يمكنه دفع ذلك عن نفسه، والفرح الناشئ من توهّم أنّه حصل ذلك بكدّه وسعيه وتدبيره، وعلى التقديرين يستقيم التعليل والتفريع المستفادان من الآية.
قال:
وأمّا ما ذكره الشيخ الطبرسي والذي يوجب نفي الأسى والفرح من هذا أنّ الإنسان إذا علم أنّ ما فات منها ضمن اللّه تعالى العوض عليه في الآخرة، فلا ينبغي أن يحزن لذلك، وإذا علم أنّ ما ناله منها كلّف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه، فلا ينبغي أن يفرح به. وأيضا إذا علم أنّ شيئا منها لا يبقى، فلا ينبغي أن يهتمّ له، بل يجب أن يهتمّ لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد، ۳ فلا مدخل لوجهيه في تصحيح التعليل إلّا أن يتكلّف في أوّلهما بأنّ التقدير يستلزم ضمان العوض وإيجاب الشكر، ولذلك صار علّة لعدم الحزن والفرح، انتهى. ۴

1.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۸۱ ـ ۱۸۳ (نعم) مع التلخيص.

2.. الحديد (۵۷): ۲۲ و ۲۳.

3.مجمع البيان، ج ۹، ص ۴۰۰.

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۹۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238567
صفحه از 607
پرینت  ارسال به