327
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث الثامن والثلاثين والثلاثمائة

۰.ابْنُ مَحْبُوبٍ۱، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ غَالِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ :سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَقُولُ : «إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَقَالَ : أَخْبِرْنِي ـ إِنْ كُنْتَ عَالِما ـ عَنِ النَّاسِ ، وَعَنْ أَشْبَاهِ النَّاسِ ، وَعَنِ النَّسْنَاسِ .
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : يَا حُسَيْنُ ، أَجِبِ الرَّجُلَ .
فَقَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : أَمَّا قَوْلُكَ : أَخْبِرْنِي عَنِ النَّاسِ ، فَنَحْنُ النَّاسُ ، وَلِذلِكَ قَالَ اللّهُ ـ تَعَالى ذِكْرُهُ ـ فِي كِتَابِهِ : «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ»۲ فَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله الَّذِي أَفَاضَ بِالنَّاسِ .
وَأَمَّا قَوْلُكَ : أَشْبَاهُ النَّاسِ ، فَهُمْ شِيعَتُنَا وَ هُمْ مَوَالِينَا وَهُمْ مِنَّا ، وَلِذلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : «فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى»۳ .
وَأَمَّا قَوْلُكَ : النَّسْنَاسُ، فَهُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى جَمَاعَةِ النَّاسِ ، ثُمَّ قَالَ : «إِنْ هُمْ إِلَا كَالْأَنْعَـمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»۴ » .

شرح

السند مجهول.
قوله عليه السلام : (أخبرني إن كنت عالما عن الناس).
في القاموس: «الناس يكون من الإنس، ومن الجنّ، جمع إنس، أصله: اُناس، جمع عزيز أدخل عليه ال». ۵
(وعن أشباه الناس).
في القاموس: «الشبه ـ بالكسر، وبالتحريك، وكأمير ـ : المثل. الجمع: أشباه». ۶
(وعن النسناس).
في القاموس:
النسناس ـ ويكسر ـ : جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة، وفي الحديث: «إنّ حيّا من عاد عصوا رسولهم، فمسخهم اللّه نسناسا، لكلّ إنسان منهم يد ورجل من شقّ واحد، ينقزون كما ينقز الطائر، ويرعون كما ترعى البهائم». ۷ وقيل: اُولئك انقرضوا، والموجود على تلك الخلقة خلق على حدة، أو هم ثلاثة أجناس: ناس ونسناس ونسانس، أو النسانس الإناث منهم، أو هم أرفع قدرا من النسناس، أو هم يأجوج ومأجوج، أو هم قومٌ من بني آدم، أو خلق على صورة الناس وخالفوهم في أشياء وليسوا منهم، انتهى. ۸
ومثله في النهاية، إلّا أنّ فيه: «ونونها مكسورة، وقد تُفتح». ۹
(فقال أمير المؤمنين عليه السلام ) إلى قوله: (فنحن الناس).
اُريد بالناس هنا من استكمل فيه الخصال اللائقة، وكملت صورته الظاهرة والباطنة، وبلغ أقصى غاية الكمال.
(ولذلك) أي ولأنّ إطلاق الناس الموصوفين بالصِّفات المذكورة مختصّ بأهل العصمة عليهم السلام ورأسهم ورئيسهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
(قال اللّه ـ تبارك وتعالى ذكره ـ في كتابه) في بعض النسخ: «في الكتاب» «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» .
في القاموس: «أفاض الناس [من عرفات]: دفعوا، أو رجعوا وتفرّقوا، أو أسرعوا منها إلى مكانٍ آخر، وكلّ دفعة إفاضة». ۱۰
وقال بعض المفسّرين:
إنّ معنى الإفاضة الدفع بكثرة، من أفضت الماء: إذا صببته بكثرة، وإنّ الأصل في «أفيضوا»: أفيضوا أنفسكم، فحذف المفعول كما حذف في «دفعت من البصرة»، وإنّ المراد بقوله تعالى: «مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» من عرفة، لا من مزدلفة، وأنّ الخطاب مع قريش كانوا يقفون بجمع، وسائر الناس يقفون بمزدلفة، يرون ذلك ترفّعا عليهم، فاُمروا بأن يساووهم. ـ قال: ـ وقيل: من مزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفة إليها، والخطاب عام، وقرى الناس ـ بكسر السين ـ أي الناسي يريد آدم من قوله: فنسي، والمعنى: أنّ الإفاضة من عرفة شرعٌ قديم، فلا تغيّروه. ۱۱
(فرسول اللّه صلى الله عليه و آله الذي أفاض الناس).
قال بعض الأفاضل:
الظاهر أنّ المراد بالناس هنا غير ما هو المراد به في الآية على هذا التفسير، والمراد أنّ الناس رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام ؛ لأنّ اللّه تعالى قال في تلك الآية مخاطبا لعامّة الخلق: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» أي من حيث يفيض منه الناس، وهم إنّما أطاعوا هذا الأمر بأن أفاضوا مع الرسول صلى الله عليه و آله ، فهم الناس حقيقةً. ويحتمل على بُعد أن يكون المراد بالناس هنا وفي الآية آل البيت عليهم السلام ، فيكون قد أمر الرسول صلى الله عليه و آله بالإفاضة مع أهل بيته. وأبعد منه أن يأوّل على نحو ما ذكره جماعة من المفسّرين بأن يكون المراد بالناس إبراهيم وسائر الأنبياء عليهم السلام ، ويكون استدلاله عليه السلام بأنّ الرسول أفاض بالناس، أي معهم، لا معيّة زمانيّة، بل في أصل الفعل، فالمراد أنّ الناس اُطلق هنا على الأنبياء والأوصياء، فنحن منهم. ۱۲
(وأمّا قولك: أشباه الناس، فهم شيعتنا، وهم موالينا، وهم منّا).
أفاد عليه السلام أنّ المراد بأشباه الناس هنا من اقتدى بسنّتهم، واقتفى أثرهم، وذهب معهم حيثما ذهبوا، فحصلت له بذلك المشابهة بهم عليهم السلام .
(ولذلك) أي ولأجل أنّ شيعة كلّ أحد وتابعيه يعدّ منه.
(قال إبراهيم عليه السلام ): «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي» .
قيل: أي لا ينفكّ عنّي في أمر الدِّين. ۱۳
(وأمّا قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم).
قال الفيروزآبادي: «السواد: الشخص، والعدد الكثير. ومن الناس: عامّتهم». ۱۴
(وأشار بيده إلى جماعة الناس)؛ يعني أراد بالسواد الأعظم تلك الجماعة، ووصفهما بالأعظم باعتبار الكثرة.
(ثمّ قال: «إِنْ هُمْ» أي المشار إليهم. «إِلَا كَالْأَنْعَامِ» .
في القاموس: ا«لنَعَم وقد تسكّن عينه ـ : الإبل، والشاة، أو خاصّ بالإبل. الجمع: أنعام». ۱۵
وقال بعض المفسّرين:
إنّ تشبيههم بالأنعام في عدم الفقه والإبصار للاعتبار، والاستماع للتدبّر؛ أو في أنّ مشاعرهم وقواهم متوجّهة إلى أسباب التعيّش مقصورة عليهم. ۱۶
«بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً» .
قيل: وجه الأضلّية إبطالهم الفطرة الأصليّة بخلاف الأنعام. ۱۷
وقيل: لأنّ الأنعام اُلهمت منافعها ومضارّها، وهي لا تفعل ما يضرّها، وهؤلاء عرفوا على طريق الهلاك والنجاة، وسعوا في هلاك أنفسهم، وأيضا تنقاد لمَن يتعهّدها، ويميّز من يحسن إليها ممّن يسيء إليها، وهؤلاء لا ينقادون لربّهم، ولا يفرّقون إحسانه من إساءة الشيطان، ولا يطلبون الثواب الذي هو من أعظم المنافع، ولا يتحرّزون عن العقاب الذي هو أشدّ المضارّ. أو لأنّها إن لم تعتقد حقّا، ولم تكسب خيرا لم تعتقد باطلاً، ولم تكسب شرّا بخلاف هؤلاء، وأيضا جهالتها لا تضرّ بأحد، وجهالة هؤلاء تؤدّي إلى هيجان الفتن وصدّ الناس عن الحقّ. أو لأنّها تعرف ربّها، ولها تسبيح وتقديس كما وردت به الأخبار. وقيل: المراد: إن شئت شبّهتهم بالأنعام فلكَ ذلك، بل لك أن تشبّههم بأضلّ منها كالسِّباع. ۱۸

1.السند معلّق كسابقه.

2.البقرة (۲) ۱۹۹.

3.إبراهيم (۱۴): ۳۶.

4.الفرقان (۲۵): ۴۴.

5.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۶۱ (نوس).

6.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۸۶ (شبه).

7.الفائق، ج ۳، ص ۲۹۳ (نسنس)؛ كشف الخفاءللعجلوني، ج ۱، ص ۴۱۸.

8.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۵۴ (نسس).

9.النهاية، ج ۵، ص ۵۰ (نسنس).

10.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۴۱ (فيض).

11.اُنظر: الكشّاف، ج ۱، ص ۳۴۹؛ تفسير البيضاوي، ج ۱، ص ۴۸۷؛ تفسير السمعاني، ج ۱، ص ۲۰۲؛ البحر المحيط، ج ۲، ص ۱۰۹.

12.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۱۰.

13.قاله البيضاوي في تفسيره، ج ۳، ص ۳۵۱.

14.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۰۵ (سود).

15.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۸۲ (نعم).

16.قاله البيضاوي في تفسيره، ج ۳، ص ۷۷ مع اختلاف في اللفظ.

17.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۳۷.

18.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۱۱ و ۲۱۲.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
326
  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238530
صفحه از 607
پرینت  ارسال به