349
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
348

شرح

السند كسابقه.
قوله: (محمّد بن مسلم بن أبي سلمة).
هكذا في كثير من النسخ، والظاهر: «محمّد بن سالم» كما مرّ في بعضها، وقد مرَّ مرارا، فيكون إشارة إلى الإسناد السابق، فتأمّل.
وقوله: (لو يعلم الناس) إلى قوله: (ممّا يطؤونه بأرجلهم).
قال في القاموس: «الزهرة ـ ويحرّك ـ : النبات، ونوره. من الدُّنيا: بهجتها، ونضارتها، وحسنها». ۱
وقال: «النعيم والنعمى ـ بالضمّ ـ : الخفض، والدِعة، والمال، كالنقمة بالكسر». ۲
وضمير «دنياهم» راجع إلى الأعداء، وضمير «عندهم» وتالييه إلى الناس، والمراد ب«ما يطؤونه» بأرجلهم التراب وما يشبهه في الحقارة.
وقال بعض الأفاضل: دلّ هذا على أنّ الواغلين في زهرات الدُّنيا كلّهم أعداء اللّه تعالى لربط قلوبهم بها فهم عنه تعالى، وعن الآخرة غافلون، والمراد بمعرفته تعالى معرفته الكاملة بقرينة أنّ أصل المعرفة حاصلة للناس إلّا مَن شذّ، مع أنّ أكثرهم مادّون أعينهم إلى الزهرات، وإنّما يتحقّق تلك المعرفة بمعرفته تعالى ـ كما ينبغي ـ ومعرفة رسوله وما جاء به، ومعرفة أوصيائه، والتسليم لهم في الأوامر والنواهي. ۳
(ولنعّموا بمعرفة اللّه عزّ وجلّ).
في بعض النسخ: «لتنعّموا».
قال الفيروزآبادي:
التنعّم: الترفّه. ونعم اللّه بك ـ كسمع ـ ونعمك وأنعم اللّه بك عينا: أقرَّ بك عين مَن تحبّه، أو أقرَّ عينك بمَن تحبّه. ونعم العود ـ كفرح ـ : اخضرّ، ونضر. ۴
(وتلذّذوا بها تلذّذ) أي كتلذّذ.
(من لم يزل في روضات الجنان).
الإضافة بيانيّة، أو لاميّة.
(مع أولياء اللّه ).
اللّذة: نقيض الألم. وتلذّذ به والتذّ، أي وجده لذيذا.
وقيل: الوجه في المشبّه به أشهر، وإن كان في المشبّه أقوى وأوفر؛ لأنّ التلذّذ الروحاني أقوى وأكمل من التلذّذ الجسماني، والنسبة بينهما كالنسبة بين الروح والبدن. ۵
(إنّ معرفة اللّه آنس من كلّ وحشة).
الاُنس ـ بالضمّ، وبالتحريك ـ مصدر أنس به ـ مثلّثة النون ـ وهو ضدّ الوحشة، ثمّ استعمل بمعنى الأنيس أو المؤنس.
والوحشة: الهمّ، والخلوة، والخوف.
(وصاحب) أي مصاحب معاشر.
(من كلّ وحدة، ونورٌ من كلّ ظلمة).
في القاموس: «النور ـ بالضمّ ـ : الضوء أيّا كان أو شعاعه، وقد نار نورا وأنار واستنار وتنوّر». ۶
(وقوّة من كلّ ضعف).
في القاموس: «الضعف ـ ويضمّ، ويحرّك ـ : ضدّ القوّة». ۷
(وشفاء من كلّ سقم) بالكسر: الدواء. ويُقال: شفاه اللّه من مرضه شفاءً ـ بالكسر والمدّ ـ أي أبرأه منه. والسقم ـ بالضمّ وبالتحريك ـ : المرض.
وقيل: كلمة «من» في المواضع المذكورة مرادفة ۸ «عند»، كما في قوله تعالى: «لَنْ تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللّه ِ شَيْئا» ، ۹ وفيه ترغيب في تحصيل المعرفة بذكر بعض فوائدها:
الاُولى: أنّها أنيس عند كلّ وحشة، لا يستوحش العارف بشيء من الوحشة وأسبابها.
الثانية: أنّها صاحب عند كلّ وحدة؛ إذ العارف مع اللّه ومع الرسول والأوصياء والعلماء وما كان معه من المعارف فلا تؤثّر فيه الوحدة واعتزال الناس، بل هو مستوحش منهم.
الثالثة: أنّها نورٌ يهتدى به عند كلّ ظلمة نفسانيّة، وهي الحجب المانعة من الوصول إلى الحقّ وسلوك سبيله، كالجهالات، والمهويّات النفسانيّة والشيطانيّة، والشبهات المؤدّية إلى الكفر والضلالة.
الرابعة: أنّها قوّة عند كلّ ضعف؛ إذ العارف لا يدخل الضعف في قلبه لقوّته في المعارف، ولا في بدنه لقوّته في الأعمال، ولا في نطقه لقوّته في الأقوال.
الخامسة: أنّها شفاء عند كلّ سقم نفساني وبدني؛ إذ لا يتطرّق إليه الأمراض القلبيّة والبدنيّة مثل العقائد الفاسدة والأخلاق الذميمة والأعمال القبيحة. ۱۰
(ثمّ قال عليه السلام ) للترغيب في الصبر على الصلاح والسَّداد والمصائب الشاقّة على النفس: (قد كان قبلكم قومٌ) من الأنبياء والأوصياء والعلماء.
(يُقتلون) على البناء للمفعول. وكذا قوله: (ويحرقون) من الإحراق، أو التحريق.
(ويُنشرون بالمناشير) جمع منشار، وهو ما يقطع به الخشب. ويقال: نشر الخشب ـ كنصر ـ أي قطعه بالمنشار.
(وتضيق عليهم الأرض برحبها).
الباء للمصاحبة، كما قيل في قوله تعالى: «اهْبِطْ بِسَلَامٍ»۱۱ أي معه. ۱۲
والرُّحب ـ بالضمّ ـ : السّعة. وضيق الأرض كناية عن غاية الشدّة ونهاية المشقّة.
(فما يردّهم عمّا هم عليه) من دينهم الحقّ.
(شيء ممّا هم فيه) من الشدائد والعقوبات.
(من غير ترة وتروا).
الجارّ متعلّق ب«يقتلون» وما عطف عليه، والموصول مع صلته في قوله عليه السلام : (من فعل ذلك بهم) مفعول «وتروا»، أي من غير مكروه أو نقص حقّ أوقعوا، ومن غير خيانة جنوا على من فعل ذلك العقوبات المذكورة بهم.
قال في النهاية: «الترة: النقص. وقيل: التبعة، والهاء فيه عوض عن الواو المحذوفة، مثل وعدته عدة». ۱۳
وقال في القاموس: «الوتر: الذحل، أو الظلم فيه كالتره، وقد وتره يتره وترا وترة. والرجل: أفزعه، وأدركه بمكروه. ووتره ماله: نقصه إيّاه». ۱۴
وقال: «الذحل: الثأر، أو طلب مكافأة جنيت عليك، أو عداوة أتيت اليك، أو هو العداوة والحقد». ۱۵
(و لا أذى) من قبيل التعميم بعد التخصيص.
(بل «مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللّه ِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»۱۶
إشارة إلى قوله تعالى في قصّة أصحاب الإخدود: «مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ» . قال البيضاوي:
أي ما أنكروا إلّا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد، استثناء على طريقة قوله:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهمبهنَّ فلول من قراع الكتائب
ووصفه بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه حميدا مُنعما يُرجى ثوابه، انتهى. ۱۷
وقال صاحب الكشّاف: «معناه: ما عابوا منهم، وما أنكروا إلّا الإيمان». ۱۸
وقال الفيروزآبادي: «نقم منه ـ كضرب وعلم ـ نَقْما وانتقم، أي عاقبه. والأمر: كرهه». ۱۹
وقال بعض الأفاضل: «يحتمل أن يكون «ما نقموا» من الانتقام، أي لم يكن انتقامهم لجناية ومكروه، بل لأنّهم آمنوا باللّه ». ۲۰
(فاسألوا) بتخفيف الهمزة.
(ربّكم درجاتهم) بالدّعاء، والأعمال الموجبة لها، أو الصبر على النوائب، كما أشار إليه بقوله عليه السلام : (واصبروا على نوائب دهركم).
قال الجوهري: «النائبة: المصيبة. واحدة نوائب الدهر». ۲۱
(تدركوا سعيهم).
السعي: الكسب، والعمل، والطلب، والقصد. ولعلّ المراد: تنالوا سعيا واجتهادا مثل سعيهم، أو ثمرة سعيهم، وما يترتّب عليه من المثوبات.

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۴۳ (زهر) مع التلخيص.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۸۱ (نعم).

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۴۲.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۸۱ مع التلخيص.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۴۲.

6.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۴۹ (نور) مع التلخيص.

7.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۷۶۵ (ضعف).

8.في المصدر: «مرافقة».

9.. آل عمران (۳): ۱۰.

10.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۴۲ مع التلخيص.

11.. هود (۱۱): ۴۸.

12.اُنظر: مغني اللبيب، ج ۱، ص ۱۰۳؛ عمدة القارى، ج ۱، ص ۱۶۳؛ البحر الرائق، ج ۱، ص ۲۷.

13.الصحاح، ج ۱، ص ۱۸۹ (تره).

14.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۵۲ (وتر) مع التلخيص.

15.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۷۹ (ذحل).

16.. البروج (۸۵): ۸.

17.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۴۷۴.

18.الكشّاف، ج ۴، ص ۲۳۸.

19.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۸۳ (نقم) مع التلخيص.

20.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۱۸ مع التلخيص.

21.الصحاح، ج ۱، ص ۲۲۹ (نوب).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 240664
صفحه از 607
پرینت  ارسال به