493
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث الحادي عشر والأربعمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبِ ، قَالَ :كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِي مُسْلِمٍ ، فَقَالَ : «لَيْسَ لِكِتَابِكَ جَوَابٌ ، اخْرُجْ عَنَّا».
فَجَعَلْنَا يُسَارُّ بَعْضُنَا بَعْضا ، فَقَالَ : «أَيَّ شَيْءٍ تُسَارُّونَ يَا فَضْلُ ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ لَا يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ ، وَلَاءِزَالَةُ جَبَلٍ عَنْ مَوْضِعِهِ أَيْسَرُ مِنْ زَوَالِ مُلْكٍ لَمْ يَنْقَضِ أَجَلُهُ» ثُمَّ قَالَ : «إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ» حَتّى بَلَغَ السَّابِعَ مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ .
قُلْتُ : فَمَا الْعَلَامَةُ ۱ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟
قَالَ : «لَا تَبْرَحِ الْأَرْضَ يَا فَضْلُ حَتّى يَخْرُجَ السُّفْيَانِيُّ ، فَإِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَأَجِيبُوا إِلَيْنَا ـ يَقُولُهَا ثَلَاثا ـ وَهُوَ مِنَ الْمَحْتُومِ» .

شرح

السند موثّق.
قوله: (فأتاه كتاب أبي مسلم).
هو المروزي. وقيل: كان اسمه إبراهيم، وكنيته أبو إسحاق، ثمّ غيّرهما بأمر إبراهيم الملقّب بالإمام، وتسمّى بعبد الرحمن، وتكنّى بأبي مسلم. واختلف في اسم أبيه، فقيل: اسمه مسلم. وقيل: عثمان. وقال بعض أهل السِّير: إنّ أبا مسلم كان من آل حمزة بن عمارة، وينتهي نسبه إلى كودرز بن كشواد، ورفع بعضهم نسبه إلى الحكيم أبو زرجمهر. وقيل: إنّه كان لعبداللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب جارية، فقاربها مرّة، ثمّ زوّجها من عبد، فولدت سليطا، وكان أبو مسلم من أولاد سليط، وكان ولادته في بلدة إصفهان سنة مائة هجريّة، ولمّا كان ابتداء خروجه على بني اُميّة من بلدة مرو نسب إليها، وقيل له: المروزي. ۲
(فقال: ليس لكتابك جواب، اُخرج عنّا).
الخطاب في الموضعين لرسول أبي مسلم. واعلم أنّ أبا مسلم كان واليا في خراسان من قِبل إبراهيم بن عبداللّه بن محمّد بن علي بن عبداللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب الملقّب بالإمام، فلمّا أمر مروان الحمار بقتل إبراهيم، وفرّ أخواه السفّاح والدوانيقي إلى الكوفة، وتوجّه أبو مسلم وعساكره إليها، أرسل إلى المدينة رسولاً وكتب ثلاث مكاتيب إحداها إلى جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، واستدعاه قبول أمر الخلافة، واُخرى إلى عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ عليه السلام ، واُخرى إلى عمر بن عليّ بن عليّ بن الحسين عليه السلام . وأمّا الصادق عليه السلام فأحرق كتابه قبل أن يطالعه، وأمّا عبداللّه بن الحسن وعمر بن علي فإنّهما شاروا معه عليه السلام في ذلك، فلم يشر إليهما ولم يرخّص لهما، فلمّا يأس الرسول رجع إلى الكوفة وكان قبل وصوله إليها انعقدت بيعة أهل خراسان واُمراءهم مع السفّاح، وكان من أمرهم ما كان.
(فجعلنا يسارّ بعضنا بعضا).
يُقال: جعل يفعل كذا، أي أقبل وأخذ. والمسارّة: المناجاة.
قيل: الظاهر أنّ مسارّتهم كان اعتراضا عليه عليه السلام بأنّه لِمَ لم يقبل ذلك لحرصهم على ظهور دين الحقّ واستعجالهم فيه. ۳
(فقال: أيّ شيء تسارّون).
الظاهر أنّ الاستفهام للتوبيخ والتقريع، كما يدلّ عليه قوله عليه السلام : (يا فضل، إنّ اللّه ـ عزَّ ذكره ـ لا يعجل لعجلة العباد).
في القاموس: «العجل والعجلة ـ محرّكتين ـ : السرعة، وفعلهما كعلم» ۴ ؛ يعني أنّ اللّه تعالى لا يقدّم لاستعجال العباد ما حكم بتأخيره حتما.
(ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك) أي ذهابه واستحالته.
(لم ينقض أجله).
الأجل ـ محرّكة ـ : مدّة الشيء.
وقال بعض الشارحين: الزوال هنا بمعنى الإزالة. تقول: أزلته وزولته وزلته بالكسر، فلا يرد أنّ الصحيح هو الإزالة خصوصا مع رعاية التقابل، ۵ انتهى.
أقول: فيه نظر؛ لأنّ الزوال مصدر زُلت ـ بالضم ـ وهو لازم، وأمّا زِلته ـ بالكسر ـ بمعنى أزلته، فمصدره الإزالة أو الزيل. قال الفيروزآبادي في الأجوف الواوي:
الزوال: الذهاب، والاستحالة. زال [يزول] ويزال قليلة، عن أبي علي. زوالاً وزوولاً [وزويلاً و زولاً] وزَوَلانا وأزلته وزوّلته [وزلته] بالكسر: أزالة وأزيله، وزلت عن مكاني ـ بالضمّ ـ زوالاً وزوولاً. ۶
فتدبّر. ثمّ أشار عليه السلام إلى تفصيل ما ذكره مجملاً من إبرام سلطان العبّاسيّة قبل سلطان أهل البيت عليهم السلام .
(ثمّ قال: إنّ فلان بن فلان) خبره محذوف، أي يحفظون، أو يملكون، أو نحو ذلك.
(حتّى بلغ السابع من ولد فلان).
لعلّ المقصود أنّه عليه السلام عدَّ سبعة من ولد عبّاس بأسمائهم وأسماء آبائهم حتّى بلغ سابعهم، وبيّن أنّ ملك هؤلاء قبل ملكنا وقيام ائمّتنا، فكيف يمكننا الخروج ولم ينقض ملك هؤلاء بعدُ.
وقيل: إنّما لم يذكر البواقي؛ لأنّ المقصود بيان أنّ هذا الزمان ليس زمان ظهور دولة الحقّ، وذكر هذا القدر كافٍ في بيانه، وربما يتوهّم أنّ الابتداء في العدّ من آخرهم وهو المستعصم إلى الأوّل وهو السفّاح، لكن يندفع بأنّ الأوّل ليس هو السابع من ولد عبّاس، بل هو رابعهم، كما مرَّ مرارا. ۷
وقيل: يبعد أن يُراد بقوله: إنّ فلان بن فلان الصاحب عليه السلام ، وبيان نسبه إلى نفسه المقدّسة، وأنّه الذي يُظهر دين الحقّ، ويعود إليه الخلافة، وإن كان هذا أنسب بقوله: (قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينك) ۸ أي علامة خروجكم وقيام قائمكم وظهور دولتكم.
(قال: لا تبرح الأرض).
في المصباح ۹ : «برح الشيء يبرح ـ من باب تعب ـ براحا: زال من مكانه». ۱۰ والظاهر أنّ «تبرح» بصيغة الغائبة، واحتمال كونه للخطاب بعيد، أي لا تزول الأرض عن هيئتها وحالها بقيام الساعة.
(حتّى يخرج السفياني).
في القاموس: «سفيان ـ مثلّثة ـ اسم». ۱۱
وروى الصدوق رحمه اللهبإسناده عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «إنّ أمر السفياني من الأمر المحتوم، وخروجه في رجب». ۱۲
وفي حديث آخر: «يخرج ابن آكلة الأكباد، وهو رجلٌ [ربعة وحش الوجه] ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان». ۱۳
وفي آخر: «إنّك لو رأيت [السفياني] لرأيت أخبث الناس أشقر أحمر أزرق». ۱۴
وفي حديث آخر: «يملك ۱۵ كور الشام الخمس ودمشق وحمص وفلسطين وقنسرين والأردن، فتوقّعوا عند ذلك الفرج». ۱۶
(وهو) أي خروج السفياني.
(من المحتوم) أي من القضاء المُبرم الذي لا يجري فيه البداء.

1.في أكثر نسخ الكافي: «فالعلامة» بدل «فما العلامة».

2.اُنظر: الأخبار الطوال، ص ۳۳۷ ـ ۳۳۹؛ تاريخ مدينة دمشق، ج ۳۵، ص ۴۰۸ ـ ۴۲۸، الرقم ۳۹۶۱.

3.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۸۲.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۲ (عجل) مع التلخيص والتصرّف.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۸۹.

6.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۹۱ (زول).

7.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۸۹ مع اختلاف في اللفظ.

8.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۸۹.

9.في النسخة: «ية» والظاهر أنّ الشارح رحمه الله قد أراد منها كتاب النهاية لابن الأثير، لكن لم نجد المنقول إلّا في كتاب المصباح المنير.

10.المصباح المنير، ص ۴۲ (برح).

11.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۴۳ (سفي).

12.كمال الدين، ص ۶۵۰، ح ۵.

13.كمال الدين، ص ۶۵۱، ح ۹.

14.كمال الدين، ص ۶۵۱، ح ۱۰.

15.في المصدر: «إذا ملك».

16.كمال الدين، ص ۶۵۲، ح ۱۱.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
492
  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 265174
صفحه از 607
پرینت  ارسال به