متن الحديث العشرين والأربعمائة
۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام بِالْكُوفَةِ أَيَّامَ قَدِمَ عَلى أَبِي الْعَبَّاسِ ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْكُنَاسَةِ قَالَ : «هَاهُنَا صُلِبَ عَمِّي زَيْدٌ رَحِمَهُ اللّهُ».
ثُمَّ مَضى حَتَّى انْتَهى إِلى طَاقِ الزَّيَّاتِينَ وَهُوَ آخِرُ السَّرَّاجِينَ ، فَنَزَلَ ، وَقَالَ : «انْزِلْ ؛ فَإِنَّ هذَا الْمَوْضِعَ كَانَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ الْأَوَّلَ الَّذِي خَطَّهُ آدَمُ عليه السلام وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَدْخُلَهُ رَاكِبا» .
قَالَ : قُلْتُ : فَمَنْ غَيَّرَهُ عَنْ خِطَّتِهِ؟
قَالَ : «أَمَّا أَوَّلُ ذلِكَ الطُّوفَانُ فِي زَمَنِ نُوحٍ عليه السلام ، ثُمَّ غَيَّرَهُ أَصْحَابُ كِسْرى وَنُعْمَانَ ۱ ، ثُمَّ غَيَّرَهُ بَعْدُ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ» .
فَقُلْتُ : وَكَانَتِ الْكُوفَةُ وَمَسْجِدُهَا فِي زَمَنِ نُوحٍ عليه السلام ؟
فَقَالَ لِي ۲ : «نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ ، وَكَانَ مَنْزِلُ نُوحٍ وَقَوْمِهِ فِي قَرْيَةٍ عَلى مَنْزِلٍ مِنَ الْفُرَاتِ مِمَّا يَلِي غَرْبِيَّ الْكُوفَةِ» .
قَالَ : «وَكَانَ نُوحٌ عليه السلام رَجُلًا نَجَّارا ، فَجَعَلَهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ نَبِيّا وَانْتَجَبَهُ ، وَنُوحٌ عليه السلام أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ سَفِينَةً تَجْرِي عَلى ظَهْرِ الْمَاءِ» .
قَالَ : «وَلَبِثَ نُوحٌ عليه السلام فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَا خَمْسِينَ عَاما، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَهْزَؤُونَ بِهِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُ ، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ مِنْهُمْ دَعَا عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّارا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلّا فاجِرا كَفّارا»۳ فَأَوْحَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى نُوحٍ : أَنِ اصْنَعْ سَفِينَةً وَأَوْسِعْهَا وَعَجِّلْ عَمَلَهَا ، فَعَمِلَ نُوحٌ سَفِينَةً فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِيَدِهِ ، فَأَتى بِالْخَشَبِ مِنْ بُعْدٍ حَتّى فَرَغَ مِنْهَا» .
قَالَ الْمُفَضَّلُ : ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَالْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى مَوْضِعِ دَارِ الدَّرَّارِبِينَ ۴ ـ وَهُوَ مَوْضِعُ دَارِ ابْنِ حَكِيمٍ وَذَاكَ فُرَاتٌ الْيَوْمَ ـ فَقَالَ لِي : «يَا مُفَضَّلُ ، وَهَاهُنَا ۵ نُصِبَتْ أَصْنَامُ قَوْمِ نُوحٍ عليه السلام : يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا» ثُمَّ مَضى حَتّى رَكِبَ دَابَّتَهُ .
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فِي كَمْ عَمِلَ نُوحٌ سَفِينَتَهُ حَتّى فَرَغَ مِنْهَا؟
قَالَ : «فِي دَوْرَيْنِ». قُلْتُ : وَكَمِ الدَّوْرَيْنِ؟ قَالَ : «ثَمَانِينَ سَنَةً» .
قُلْتُ : وَإِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ : عَمِلَهَا فِي خَمْسِمِائَةِ عَامٍ .
فَقَالَ : «كَلَا ، كَيْفَ وَاللّهُ يَقُولُ : «وَوَحْيِنا»۶ » .
قَالَ : قُلْتُ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ»۷ فَأَيْنَ كَانَ مَوْضِعُهُ؟ وَكَيْفَ كَانَ؟
فَقَالَ : «كَانَ التَّنُّورُ فِي بَيْتِ عَجُوزٍ مُؤْمِنَةٍ فِي دُبُرِ قِبْلَةِ مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ» .
فَقُلْتُ لَهُ : فَإِنَّ ذلِكَ مَوْضِعُ زَاوِيَةِ بَابِ الْفِيلِ الْيَوْمَ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : وَكَانَ بَدْءُ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ ذلِكَ التَّنُّورِ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَ قَوْمَ نُوحٍ آيَةً ، ثُمَّ إِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ يُفِيضُ فَيْضا ، وَفَاضَ الْفُرَاتُ فَيْضا ، وَالْعُيُونُ كُلُّهُنَّ فَيْضا ، فَغَرَّقَهُمُ اللّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَأَنْجى نُوحا وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ» .
فَقُلْتُ لَهُ : كَمْ لَبِثَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ حَتّى نَضَبَ الْمَاءُ وَخَرَجُوا مِنْهَا؟
فَقَالَ : «لَبِثُوا فِيهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعا ، ثُمَّ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ، وَهُوَ فُرَاتُ الْكُوفَةِ» .
فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ قَدِيمٌ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، وَهُوَ مُصَلَّى الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى الّلهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَقَدْ صَلّى فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله حِينَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : يَا مُحَمَّدُ ، هذَا مَسْجِدُ أَبِيكَ آدَمَ عليه السلام ، وَمُصَلَّى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام ، فَانْزِلْ فَصَلِّ فِيهِ ، فَنَزَلَ فَصَلّى فِيهِ ، ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ» .
1.في بعض نسخ الكافي والوافي ومرآة العقول: «والنعمان».
2.في بعض نسخ الكافي: - «لي».
3.نوح (۷۱): ۲۶ و ۲۷.
4.في كلتا الطبعتين: «الداريّين». وفي بعض نسخ الكافي: «الداربين».
5.في بعض نسخ الكافي: «هاهنا» بدون الواو.
6.هود (۱۱): ۳۷؛ المؤمنون (۲۳): ۲۷.
7.هود (۱۱): ۴۰.