571
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث التاسع والأربعين والأربعمائة

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الْحَرِيرِيِّ۱، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهُوَ يَقُولُ ، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ ، ثُمَّ قَالَ : «تَفَرَّجِي تَضَيَّقِي ، وَتَضَيَّقِي تَفَرَّجِي».
ثُمَّ قَالَ : «هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ ۲ ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ ، وَثَبَتَ الْحَصى عَلى أَوْتَادِهِمْ ، أُقْسِمُ بِاللّهِ قَسَما حَقّا إِنَّ بَعْدَ الْغَمِّ فَتْحا عَجَبا» .

شرح

السند مجهول. وقيل: ضعيف، وفيه نظر.
قوله: (وشبّك أصابعه بعضها في بعض) أي أدخل أصابع إحدى اليدين على الاُخرى، وكأنّه عليه السلام يدخلها إلى اُصولها، ثمّ يخرجها إلى رؤوسها؛ تشبيها لتضيّق الدُّنيا وتفرّجها بتينك الحالتين.
قال الجوهري: «الشَبْك: الخَلْط، والتداخل، ومنه تشبيك الأصابع». ۳
(ثمّ قال: تفرّجي تضيّقي، وتضيّقي تفرّجي)؛ يحتمل كونها على صيغة المصدر المضاف إلى ياء المتكلّم، وحمل أحدهما على الآخر للمبالغة، والمراد أنّ تضيّق الأمر وشدّته في الدُّنيا يستلزم التفرّج والسهولة، وتستعقب الراحة، كما قال تعالى: «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا»۴ ، وكذا العكس.
وقيل: يمكن أن يكون المراد أنّ الشدّة لي راحة لما أَعَلَم مَن رضِي ربّي فيها، ولا أحبّ الراحة في الدُّنيا لما يستلزمها غالبا من الغفلة والبُعد عن اللّه تعالى، انتهى. ۵ وأنت خبير بأنّ هذا التوجيه بعيد غاية البُعد.
ويحتمل كونهما بصيغة الأمر والخطاب إلى الأصابع. وقيل: إلى الدُّنيا ۶ ، فيكونا إخبارين بصورة الإنشاء، والغرض بيان اختلاف أحوال الدُّنيا، وأنّ في بؤسها وضرّائها يرجى نعيمها ورخاؤها، وفي عيشها ورفاهها يحذر بلاؤها وشدّها، والمقصود تسلية الشيعة وترجّيهم للفرج، وتبعيد عن اليأس والقنوط والافتتان بتأخير الفرج وطول مدّة دولة الباطل.
(ثمّ قال: هلكت المحاضير) أي المستعجلون في ظهور الأمر قبل أوانه.
(ونجا) المقرّبون ـ بكسر الرّاء ـ وهم الذين يرجون الفرج صباحا ومساءً على سبيل التسليم، لا الاستعجال. وبفتحها، وهم الذين تقرّبوا بجناب الحقّ بسبب التسليم والرضا وترك الاستعجال.
(وثبت الحصى على أوتادهم).
قيل: لعلّ المراد بيان استحكام أمرهم وشدّة سلطانهم وتيسّر أسباب ملكهم [لهم]، فلا ينبغي التعرّض لهم؛ فإنّ ثبوت الحصى واستقرارها على الوتد أمرٌ نادر؛ أي تهيّأت لهم نوادر الاُمور وصعابها، فلا ينفع السعي في إزالة ملكهم، ويحتمل أن يكون المراد بثبوت الحصى على أوتادهم دوام دقّها بالحصى ليثبت، فيكون كناية عن تزائد استحكام ملكهم يوما فيوما، وتضاعف أسباب سلطنتهم ساعة فساعة، كالوتد الذي لا ترفع الحصاة عن دقّهما. وقيل: الأوتاد مجاز عن أشرافهم وعظمائهم؛ أي ثبت وقدّر في علمه تعالى تعذيبهم برجم أوتادهم ورؤسائهم بالحصا حقيقةً أو مجازا. ۷
وقيل: هذا كناية عن ثباتهم في مقام الصبر على أذى الأعداء، وتحمّلهم مكاره الضيق وشدائد البلاء حتّى لا تسقط خيام صبرهم بصرصر الشبهات، ولا تتحرّك أوتادها بحصيّات المفتريات، وهذه العبارة كالمثل للثبات في مقام الشدائد. ۸
أقول: مبنى التوجيهات الاُول إرجاع ضمير «أوتادهم» على المنكرين؛ لظهور هذا الأمر المستعجلين به المفهومين من المحاضير، وبناء التوجيه على إرجاعه إلى المقرّبين.
(اُقسم اللّه قسما حقّا...) تأكيد للكلام السابق.
ولعلّ المراد بالقسم المطلق الشامل لما لحق أهل الحقّ في زمن استيلاء أهل الباطل، وبالفتح: العجيب، وزوال الغمّ والشداد بظهور دولة الحقّ واستيلاء أهله.

1.في الطبعة القديمة وأكثر نسخ الكافي: «الجريري» بالجيم المعجمة.

2.في بعض نسخ الكافي وشرح المازندراني والوافي: «المحاصير» بالصاد المهملة.

3.الصحاح، ج ۴، ص ۱۵۹۳ (شبك).

4.. الشرح (۹۴): ۶.

5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۳ مع اختلاف في اللفظ.

6.ذهب إليه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۳.

7.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۴ مع اختلاف يسير في اللفظ.

8.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۱۰ مع اختلاف يسير في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
570

شرح

السند حسن على الظاهر.
قوله: (إنّه لو قد كان ذلك) أي ظهور هذا الأمر.
(وجعلت قلوبكم كزبر الحديد).
في القاموس: «الزبرة ـ بالضم ـ : القطعة من الحديد، الجمع: زُبَر وزُبْر». ۱
(لو قذف بها الجبال لقلعتها).
القذف: الرمي بالحجارة. والظاهر أنّ ضمير «بها» راجع إلى القلوب، ويحتمل إرجاعه إلى زبر الحديد، والمآل واحد. وأمّا إرجاعه إلى القوّة ـ كما قيل ۲ ـ فلا يخفى بُعده.
ويحتمل أن يكون المقذوف القلوب، والمقذوف إليه الجبال، ويكون الغرض بيان شدّتها وقوّتها وصلابتها بأنّها لو اُلقيت على الجبال لقلعتها عن مكانها. أو يكون الغرض بيان شدّة عزمها، ويكون قذفها على الجبال كناية عن تعلّق عزمها بقلعها. ويحتمل أن يكون المقذوف الجبال، وتكون الباء بمعنى «في» أي لو قذف في تلك القلوب قلع الجبال لقلعتها.
(وكنتم قوام الأرض).
قال الفيروزآبادي: «قام قياما: انتصب، فهو قائم، من قُوَم وقُيّمَ وقُوّام وقُيّام. والقوام ـ كسحاب ـ : العدل، وما يعاش به. وبالكسر: نظام الأمر وعماده وملاكه». ۳
أقول: يحتمل هنا إرادة كلّ من هذه المعاني بنوع من التقرّب. وقيل: المراد بقوام الأرض القائمون باُمور الخلق والحكّام عليهم في الأرض. ۴
(وجيرانها).
قيل: أي تجيرون الناس من الظلم وتنصرونهم.
في القاموس: «الجار: المجاور، والذي أجرته من أن يظلم، والمجير، والمستجير، والمقاسم، والحليف، والناصر. الجمع: جيران، وجيرة، وأجوار». ۵
وفي بعض النسخ: «خزّانها». ولعلّ المراد خزّان رحمة اللّه في الأرض. وقيل: المراد أنّ الإمام يجعل ضبط أموال المسلمين إليكم ليقسّمها بينهم. ۶

1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۷ (زبر) مع التلخيص.

2.نسبه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۲ إلى القيل.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۶۸ (قوم) مع التلخيص.

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۲ مع اختلاف في اللفظ.

5.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۹۴ (جور) مع التلخيص.

6.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۲۲ مع اختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238543
صفحه از 607
پرینت  ارسال به