579
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
578

شرح

السند مجهول.
قوله: (إلّا نظرا للناس).
قال الفيروزآبادي: نظر لهم: رثى لهم، وأعانهم. والنظر ـ محرّكة ـ : الفكر في الشيء يقدّره ويقيسه، ۱ والانتظار». ۲ وقال: «رثى له: رحمه، ورقّ له». ۳
(وتخوّفا عليهم أن يرتدّوا عن الإسلام) عن ظاهره بأن لا يقرّوا به أصلاً، كما أشار إليه بقوله: (فيعبدوا الأوثان، ولا يشهدوا أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمدا رسول اللّه )، فأبقاهم على ظاهر الإسلام، وأصلح بحال الاُمّة من أن يرتدّوا فيه رأسا، كما يفهم من قوله عليه السلام : (وكان الأحبّ إليه)؛ لأنّ في ذلك الإبقاء كان لهم طريق إلى قبول الحقّ، وقرب إلى الدخول في الإيمان، فلا تنافي بين هذا الخبر وبين ما ورد من الأخبار أنّ الناس ارتدّوا بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلّا ثلاثة ۴ ؛ لأنّ المراد بها ارتدادهم عن الدِّين واقعا، وبهذا الخبر ارتدادهم عنه ظاهرا وإن كانوا في كثير من الأحكام مشاركين مع الكفّار، بل هم أشدّ كفرا ونفاقا.
(وإنّما هلك الذين ركبوا ما ركبوا) من مبايعتهم أبا بكر مع علمهم ببطلانها، ومعاونتهم على الإثم والعدوان.
(فأمّا مَن لم يصنع ذلك) إلى قوله: (ولا يخرجه من الإسلام).
قال الفاضل الأردبيلي:
المخالف الجاهل المحض الذي لم يعرف الحقّ بحيث لا يعدّ مقصّرا لو وجد، أو عدّ مقصّرا في الجملة حيث دلّ عقله على التفتيش، وما فعل لتقصير أو لجهل ترجى له الجنّة في الجملة، ووجدت قريبا إلى هذا المعنى في بعض الأخبار أنّه لو كان ممّن لم يبرأ وليس بعدوانا ترجى له الجنّة، وليس ببعيد من كرم اللّه وكرمهم عليهم السلام ، وأمّا الذين يموتون على غير الإيمان فالكافر منهم مخلّد في النار، وعبادتهم غير مقبولة عند اللّه ، ويحتمل حصول عوض له بسبب بعض أفعاله الحسنة من اللّه إمّا في الدُّنيا أو في الآخرة بتخفيف عقاب ما، كما قيل فيمن لم يستحقّ دخول الجنّة والثواب فيها، وكذا من كان معاندا ومقلّدا للآباء، أو لمن تقدّمه من العلماء مع معرفته للحقّ في الجملة، كما حكي بعض الفقهاء منهم أنّ هذا حقّ، ولكن العلماء المتقدِّمين هكذا كانوا، وكذا من اطّلع على الحقّ بالعقل والنقل متهاونا في الدِّين ومتغافلاً عن الحقّ وعن التأمّل فيه لقلّة التقييد به، ولهذا نجد نقل العلماء والعظماء منهم حكايات وأخبار دالّة على خلاف مقصدهم مثل ما يروون من الأخبار في الصحاح أنّ الأئمّة إثنى عشر ۵ وما نقلوا في آية التطهير ۶ من حصر أهلها في آل العبا ۷ وآية المباهلة ۸ وخبر: إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ۹ ، وأنّه لابدّ في كلّ زمان أن يكون فيه إمام ۱۰ ، وأنّه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة ۱۱ ، وأنّ القياس في الاُصول لا يجري، وأنّ الإجماع لا يكون حجّة إلّا إذا كان له مستند، وأنّ القياس له شرائط، وفيه الاختلافات الكثيرة والاعتراضات العظيمة، وكذلك في الإجماع، ومع ذلك يسندون أصلهم ـ وهو خلافة الأوّل ـ على إجماع مستند إلى قياس، وهو أنّه صلى الله عليه و آله يرضى بالصلاة خلفه، وأنّه أمرٌ اُخروي، والإمامة أمرٌ دنيوي، فيرضى به أيضا، مع أنّهم صرّحوا في بابها بأنّها رئاسة عامّة في الدِّين والدّنيا مع تجويزهم الصلاة خلف كلّ فاسق وفاجر، ويتركون ما نقلوه من النصوص بسبب ذلك مع نقلهم أنّ عليّا عليه السلام ما بايع إلّا بعد موت فاطمة عليهاالسلام. ۱۲ وبالجملة مَن تفكّر فيما قالوا فقط من غير شيء آخر مذكور في طرقنا يجزم بقلّة مبالاتهم أو بتيقّنهم، ومثل ما روي: «أنّ ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين» ۱۳ ، وهم يقولون؛ قد يكون غيره أفضل منه بمعنى أكثر ثوابا. ومثل ما قال شارح التجريد: إنّ معنى قول عمر: بيعة أبي بكر فلتة من عاد إلى مثلها فاقتلوه؛ أنّه من عاد إلى خلاف كاد أن يظهر عندها فاقتلوه. ۱۴ وهل يمكن مثل هذا التقدير في الكلام مع أنّه ينافي معنى الفلتة، وهو ظاهر لا خفاء فيه؟!
ومثل ما قال السيّد الشريف في إلهيّات شرح المواقف: الاجتهاد قد يكون صوابا، وقد يكون خطأً، وليس فيه عقاب وقصور، مثل تخلّف الأوّل والثاني عن جيش اُسامة حين أمرهم النبيّ صلى الله عليه و آله بالرواح معه وقالوا: ليس مصلحة في أن نترك النبيّ صلى الله عليه و آله في تلك الحالة التي يمكن مفارقته الدُّنيا ونخلّي المدينة. ۱۵ ومثل ما قالوا في توجيه قول الثاني حين قال النبيّ صلى الله عليه و آله في حال الموت: «إيتوني بالدواة والقلم» الحديث، فقال الثاني: إنّ الرجل ليهذر، حسبنا كتاب اللّه ، ۱۶ فقالوا: إنّ ذلك القول منه من باب الاجتهاد، ۱۷ ولم يعلموا أنّ قول الرسول صلى الله عليه و آله والعمل بخلافه كفرٌ محض.
ومثل ما قال العضدي في توجيه إنكار الثاني العدول من الافراد إلى التمتّع حين أمر النبيّ صلى الله عليه و آله ومن لم يسق الهدي بذلك مع عدم سياقه، وقال: نغتسل والنبى صلى الله عليه و آله أغبر، فقال العضدي: إنّه دليل على تقديم فعله صلى الله عليه و آله على قوله عند التعارض، وما علم أن لا تعارض هنا؛ لأنّ فعله وعدم عدوله صلى الله عليه و آله لأنّه ساق الهدي، وقوله: وأمره بالعدول لمن لم يسبقه، فكان فرضه غير فرضهم، ومثل ما بالغ ابن أبي الحديد في كون الخطبة الشقشقيّة منه عليه السلام وقال: إنّ كونها منه مثل ضوء النهار، ۱۸ وقد اطّلع على الشكاية التي فيها حتّى قال: فيشكل الأمر علينا لا على الشيعة. ثمّ أجاب بأنّه وقع على ترك الأولى، ۱۹ وهل يقع من العاقل مثل هذه الأقاويل التي لا يعذر صاحبها أصلاً، فهؤلاء وأمثالهم مخلّدون في النار. ويمكن حمل الأخبار الواردة في عدم قبول طاعاتهم وعباداتهم على هؤلاء. ۲۰
(فلذلك) أي لما ذكر من قوله: «نظرا للناس» إلى آخره.
(كتم عليّ عليه السلام أمره) وترك دعوة الناس إلى نفسه.
(وبايع) أبا بكر.
(مكرها) لا طوعا ورغبةً.
وكلمة «حيث» في قوله: (حيث لم يجد أعوانا) ظرف زماني أو مكاني للمبايعة والإكراه، ويحتمل كونها تعليلاً لهما.
قال بعض الأفاضل: اعلم أنّه قد دلّت الأدلّة العقليّة ووردت الأخبار المتواترة في أنّ الأنبياء عليهم السلام والأئمّة عليهم السلام لا يفعلون شيئا من الاُمور لا سيّما اُمور الدِّين إلّا بما أمرهم اللّه تعالى، ولا يتكلّمون في شيء من اُمورهم على الرأي والهوى؛ «إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى» . ۲۱
وقد مضت الأخبار في كتاب الحجّة أنّ اللّه أنزل صحيفة من السماء مختومة بخواتيم، وكان كلّ إمام يفضّ الخاتم المتعلّق به ويعمل بما تحته، ۲۲ وقد ورد في الأخبار المستفيضة ممّا روته الخاصّة والعامه أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمره بالكفّ عنهم حين أخبرهم بظلمهم، فالاعتراض عليهم فيما يصدر عنهم ليس إلّا من ضعف اليقين وقلّة المعرفة بشأن أئمّة الدِّين.
وقد روى الشيخ أبو طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه من النهروان، فجرى الكلام حتّى قيل له: لِمَ لا حاربت أبا بكر وعمر كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟ فقال عليه السلام : «إنّي كنت لم أزَل مظلوما مستأثرا على حقّي». فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين، لِمَ لم تضرب بسفيك وتطلب بحقّك؟ فقال: «يا أشعث، قد قلت قولاً فاسمع الجواب، وعِه واستشعر الحجّة، إنّ لي اُسوة لستّة من الأنبياء عليهم السلام أوّلهم نوح عليه السلام حيث قال: «أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ»۲۳ ، فإن قال قائل: إنّه قال لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصي أعذر، وثانيهم لوط عليه السلام حيث قال: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»۲۴ فإن قال قائل: إنّه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصي أعذر، وثالثهم إبراهيم خليل اللّه حيث قال: «وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ»۲۵ فإن قال قائل: إنّه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصيّ أعذر. ورابعهم موسى عليه السلام حيث قال: «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ»۲۶ فإن قال قائل: إنّه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصيّ أعذر. وخامسهم أخوه هارون عليه السلام حيث قال: «ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي»۲۷ فإن قال قائل: إنّه قال [هذا] لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصيّ أعذر. وسادسهم أخي محمّد سيّد البشر صلى الله عليه و آله حيث ذهب إلى الغار ونوّمني على فراشه، فإن قال قائلٌ: إنّه ذهب إلى الغار لغير خوف فقد كفر، وإلّا فالوصيّ أعذر» فقام إليه الناس بأجمعهم فقالوا: يا أمير المؤمنين عليه السلام ، قد علمنا أنّ القول قولك، ونحن المذنبون التائبون، وقد عذرك اللّه . ۲۸
وروي أيضا عن إسحاق بن موسى، عن [أبيه موسى بن] جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام قال: «خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بالكوفة، فلمّا كان في آخر كلامه قال: إنّي أولى الناس بالناس، وما زلتُ مظلوما منذ قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقام الأشعث بن قيس ـ لعنه اللّه ـ فقال: يا أمير المؤمنين، لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلّا وقلت: واللّه إنّي لأولى الناس، بالناس وما زلتُ مظلوما منذ قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولمّا ولّي تيم وعديّ، ألا ضربت بسيفك دون ظلامتك؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يابن الخمّارة، قد قلت قولاً فاستمع، واللّه ما منعني الجبن، ولا كراهيّة الموت، ولا منعني ذلك إلّا عهد أخي رسول اللّه صلى الله عليه و آله خبّرني وقال: يا أبا الحسن، إنّ الاُمّة ستغدر بك، وتنقض عهدي، وإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى، فقلت: يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فما تعهد إليّ إذا كان كذلك؟ فقال: إن وجدت أعوانا فبادر إليهم، وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكفّ يدك، واحقن دمك حتّى تلحق بي مظلوما، فلمّا توفّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله اشتغلت بدفنه والفراغ من شأنه، ثمّ ألَيتُ يمينا أنّي لا أرتدي إلّا للصلاة حتّى أجمع القرآن، ففعلت، ثمّ أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسين، ثمّ بادرت على أهل بدر وأهل السابقة، فناشدتهم حقّي، ودعوتهم لنصرتي، فما أجابني منهم إلّا أربعة رهط: سلمان، وعمّار، والمقداد، وأبو ذرّ، وذهب من كنت أعتضد بهم على دين اللّه من أهل بيتي، وبقيت بين خفيرتين قريبي العهد بجاهليّة عقيل والعبّاس.
فقال له الأشعث: يا أمير المؤمنين، كذلك كان عثمان [لّما] لم يجد أعوانا كفَّ يده حتّى قُتل مظلوما؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يابن الخمّارة، ليس كما قِست؛ إنّ عثمان لمّا جلس جلس في غير مجلسه، وارتدى بغير ردائه، وصارع الحقّ فصرعه الحقّ، والذي بعث محمّدا بالحقّ، لو وجدت يوم بُويع أخو تيم أربعين رجلاً لجاهدتهم في اللّه إلى أن أبلي عذري، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّ الأشعث لا يوزن عند اللّه جناح بعوضة، وإنّه أقلّ في دين اللّه من عفطة عنز». ۲۹
وروي أيضا عن اُمّ سلمة زوجة رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّها قالت: كنّا عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول اللّه ؟ فقال: «لا».
قالت: فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردّني من سخطة أو نزل فيَّ شيء من السماء، ثمّ لم ألبث أن أتيت الباب ثانيةً فقلت: أدخل يا رسول اللّه ؟ فقال صلى الله عليه و آله : «لا».
قالت: فكبوت كبوةً أشدّ من الاُولى، ثمّ لم ألبث أن أتيت الباب ثالثة فقلت: أدخل يا رسول اللّه ؟ فقال: «اُدخلي يا اُمّ سلمة».
فدخلت وعليّ عليه السلام جاثٍ بين يديه وهو يقول: «فداك أبي واُمّي يا رسول اللّه ، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟».
قال: «آمرُك بالصبر».
ثمّ أعاد عليه القول ثانيةً، فأمره بالصبر، ثمّ أعاد عليه القول ثالثةً فقال له: «يا علي، يا أخي، إذا كان ذلك منهم، فسل سيفك وضعه على عاتقك، واضرب قدما قدما حتّى تلقاني، وسيفك شاهر يقطر من دمائهم». ثمّ التفت إليّ وقال: «ما هذه الكآبة يا اُمّ سلمة؟» قلت: للذي كان من ردّك إيّاي يا رسول اللّه ، فقال لي: «واللّه ، ما رددتك لشيء خيرٌ من اللّه ورسوله، ولكن أتيتني وجبرئيل عليه السلام يخبرني بالأحداث التي تكون بعدي، وأمرني أن اُوصي بذلك عليّا. يا اُمّ سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب [وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة. يا اُمّ سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب] ۳۰ وصيّي وخليفتي من بعدي، وقاضي عداتي، والرائد عن حوضي، يا اُمّ سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين».
قلت: يا رسول اللّه ، مَن الناكثون؟
قال: «الذين يبايعونه بالمدينة، وينكثون ويقاتلونه بالبصرة».
قلت: مَن القاسطون؟
قال: «معاوية وأصحابه من أهل الشام».
قلت: مَن المارقين؟
قال: «أصحاب النهروان». ۳۱
وروى الصدوق في كتاب العيون والعلل بإسناده عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني، قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت له: يابن رسول اللّه ، أخبرني عن عليّ عليه السلام لمَ لم يجاهد أعداءه خمسا وعشرين سنة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ جاهد في أيّام ولايته؟
فقال: «لأنّه اقتدى برسول اللّه صلى الله عليه و آله في تركه جهاد المشركين بمكّة بعد النبوّة ثلاث عشر سنة، وبالمدينة تسعة عشر شهرا، وذلك لقلّة أعوانه عليهم، وكذلك عليّ عليه السلام ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم، فلمّا لم تبطل نبوّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله مع تركه الجهاد ثلاث عشر سنة وتسعة عشر شهرا، كذلك لم تبطل إمامة عليّ عليه السلام مع تركه الجهاد خمسا وعشرين سنة إذا كانت العلّة لهما من الجهاد واحدة». ۳۲
وروي في إكمال الدين و العلل بإسناده عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ، أو قال له رجل: أصلحك اللّه ، ألم يكن عليّ عليه السلام قويّا في دين اللّه عزّ و جلّ؟ قال: «بلى». قال: فيكف ظهر عليه القوم؟ وكيف لم يدفعهم، وما منعه من ذلك؟
قال: «آية في كتاب اللّه منعته». قال: قلت: وأيّ آية؟ قال: «قوله: «لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا»۳۳ ؛ إنّه كان للّه ـ عزّ و جلّ ـ ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع، فلمّا خرجت الودائع ظهر على من ظهر، فقاتله. وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع اللّه عزّ و جلّ، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله». ۳۴
وروي أيضا بإسناده عن منصور، عن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في قول اللّه عزّ و جلّ: «لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» : «لو أخرج اللّه ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين، لعذّب الذين كفروا». ۳۵
وروي في العلل بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا أنّه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام : ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتلهم؟ قال: «الذي سبق في علم اللّه أن يكون وما كان له أن يقاتلهم، وليس معه إلّا ثلاثة رهط من المؤمنين». ۳۶

1.في المصدر: «تقدّره وتقيسه».

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۴۴ (نظر) مع التلخيص.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۳۳ (رثي).

4.راجع: الاختصاص، ص ۶ و ۱۰.

5.راجع: صحيح مسلم، ج ۶، ص ۳ و ۴؛ سنن أبي داود، ج ۲، ص ۳۰۹، ح ۴۲۸۰.

6.هي الآية ۳۳ من سورة الأحزاب (۳۳).

7.راجع: مسند أحمد، ج ۳، ص ۲۸۵؛ وج ۵، ص ۱۰۷؛ و ج ۶، ص ۲۹۲؛ صحيح مسلم، ج ۷، ص ۱۳۰؛ سنن الترمذي، ج ۵، ص ۳۰ و ۳۱، ح ۳۲۵۸ و ۳۲۵۹.

8.هي الآية ۶۱ من سورة آل عمران (۳).

9.مسند أحمد، ج ۳، ص ۱۴؛ وج ۵، ص ۱۸۲؛ سنن الترمذي، ج ۵، ص ۳۲۹، ح ۳۸۷۶؛ المستدرك للحاكم، ج ۳، ص ۱۱۰.

10.راجع: تفسير الرازي، ج ۲۰، ص ۹۸.

11.اُنظر: المعجم الكبير، ج ۱۰، ص ۲۸۹، ح ۱۰۶۸۷؛ المعجم الاُوسط، ج ۳، ص ۳۶۱؛ مسند أحمد، ج ۱، ص ۲۷۵؛ وج ۲، ص ۲۹۶.

12.اُنظر: المصنّف للصنعاني، ج ۵، ص ۴۷۳، ح ۹۷۷۴؛ السنن الكبرى، ج ۶، ص ۳۰۰.

13.المستدرك للحاكم، ج ۳، ص ۳۲؛ الفردوس، ج ۳، ص ۴۵۵، ح ۵۴۰۶؛ كنز العمّال، ج ۱۲، ص ۶۲۳، ح ۳۳۰۳۵.

14.لم نعثر عليه.

15.لم نعثر على هذا القول في شرح المواقف، لكن نقل فيه عن الآمدي ما يقرب من ذلك. راجع: شرح المواقف، ج ۸، ص ۳۷۲.

16.روي بعبارات مختلفة في: مسند أحمد، ج ۱، ص ۳۲۵ و ۳۳۶؛ صحيح البخاري، ج ۵، ص ۱۳۸؛ وج ۷، ص ۹؛ صحيح مسلم، ج ۵، ص ۷۶؛ السنن الكبرى، ج ۳، ص ۴۳۳، ح ۵۸۵۲.

17.اُنظر: صحيح مسلم بشرح النووي، ج ۱۱، ص ۹۱؛ المواقف، ج ۳، ص ۶۵۰.

18.نقل بالمعنى. اُنظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي، ج ۱، ص ۲۰۵.

19.نقل بالمعنى. اُنظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي، ج ۱، ص ۱۵۷.

20.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۱۲ ـ ۴۱۴ (مع اختلاف في اللفظ». وانظر: مجمع الفائدة والبرهان للمحقق الأردبيلي، ج ۳، ص ۲۱۵ ـ ۲۲۰.

21.النجم (۵۳): ۴.

22.اُنظر: الكافي، ج ۱، ص ۲۷۹ ـ ۲۸۴، باب أن الأئمّة عليهم السلام لم يفعوا شيئا... .

23.القمر (۵۴): ۱۰.

24.هود (۱۱): ۸۰.

25.مريم (۱۹): ۴۸.

26.الشعراء (۲۶): ۲۱.

27.الأعراف (۷): ۱۵۰.

28.الاحتجاج، ج ۱، ص ۲۷۹ و ۲۸۰.

29.الاحتجاج، ج ۱، ص ۲۸۰ و ۲۸۱.

30.أثبتناه من المصدر.

31.الاحتجاج، ج ۱، ص ۲۸۸ و ۲۸۹.

32.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص ۸۱، ح ۱۶؛ علل الشرائع، ج ۱، ص ۱۴۸، ح ۵.

33.الفتح (۴۸): ۲۵.

34.كمال الدين، ج ۲، ص ۱۴۱؛ علل الشرائع، ج ۱، ص ۱۴۷، ح ۳.

35.كمال الدين، ج ۲، ص ۶۴۲؛ علل الشرائع، ج ۱، ص ۱۴۷، ح ۴.

36.علل الشرائع، ج ۱، ص ۱۴۸، ح ۶. وعنه في وسائل الشيعة، ج ۱۵، ص ۸۸، ح ۲۰۰۴۵.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 240692
صفحه از 607
پرینت  ارسال به