الخبرين ما ذكره محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله قال : هذا محمول على من يجعل المنزلين منزلاً ، فيقصّر في الطريق ويتمّ في المنزل » . ۱
قال في الجواهر معلّقا على هذا الوجه من الجمع : « ولعلّه لأنّه مقتضى الجمع بين الإطلاق والتقييد ، ولما يلاقونه في الفرض من شدّة الجهد والتعب المناسبين لشرعية القصر ، ولانصراف تلك الإطلاقات إلى السير المتعارف » . ۲
وقد عمل بذلك أيضا من المتأخّرين جماعة ، منهم صاحب المدارك والمنتقى ، والمحدّث الكاشاني والفاضل الهندي ، وصاحب الذخيرة والحدائق والمستند . ۳
ج ـ روى في وقت التلبية للإحرام روايات عدّة ، ثمّ جمع بينها :
الكليني عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : « إذا صلّيت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ، ثمّ قـم فامشِ حتّى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء ، فإذا استوت بك فلبّه ». ۴
وروى أيضا في نفس الباب عن عبد اللّه بن سنان أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام : هل يجوز للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة ؟ فقال : « نعم ، إنّما لبّى النبيّ صلى الله عليه و آله على البيداء ؛ لأنّ الناس لم يكونوا يعرفون التلبية ، فأحبّ أن يعلّمهم كيف التلبية » . ۵
وأيضا عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة، أيلبّي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة ؟ قال : « أيّ ذلك شاء صنع». ۶
قال الكليني ـ في مقام الجمع بينها بالتخيير ، وشاهد الجمع عنده هو خبر إسحاق بن عمّار الآنف ـ : وهذا عندي من الأمر المتوسّع ، إلّا أنّ الفضل فيه أن يظهر التلبية حيث أظهر النبيّ صلى الله عليه و آله على طرف البيداء ، ولا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلّا وقد أظهر التلبية ، وأوّل البيداء أوّل ميل يلقاك عن يسار الطريق. ۷
1.المصدر السابق .
2.التهذيب ، ج ۳، ص ۲۱۵، ح ۵۲۸ .
3.جواهر الكلام ، ج ۱۴، ص ۲۷۲ .
4.انظر : مستند الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۸۸ .
5.فروع الكافي ، ج ۴، ص ۳۲۹ .