فقه الكليني دراسة و تحليل - صفحه 62

بمسائل كتاب الإرث ، كلّ ذلك يضع الباحث أمام نموذج من نماذج البحث الفقهي في كتاب الكافي ، ليقف عند صورة تعكس مستوى البحث الفقهي لمؤلّفه الفقيه وهو يخرج عن منهجه الحديثي التقليدي الذي سار عليه في كتابه ليحرّر بحثا فقهيا استدلاليا في فروع ومسائل شتّى .

الملامح العامّة للبعد الاُصولي

يظهر للمتتّبع لتأريخ علم الاُصول أنّ التكوين الأوّل لهذا العلم قد بدأ ـ بشكلٍ رسمي ومقرّر ـ في القرنين الرابع والخامس . وهذا لا يلغي ـ بالطبع ـ الجهود العلمية الاُولى التي سبقت هذه الفترة والتي ظهرت في بعض مصنّفات أصحاب الأئمّة في هذا المجال ؛ إذ أنّا نتكلّم عن الوجه الرسمي لهذا العلم كصناعة مقررة تمتلك مقوماتها ومنهجها الخاصّ بها .
وقد عاصر فقيهنا الكليني بدايات تلك المرحلة التي أرسى قواعدها بعض معاصريه من فقهائنا العظام الذين افتقدنا آثارهم وعطاءهم العلمي ، الأمر الذي أفقدنا امتلاك تصوّر كامل وجامع في هذا المجال .
والكليني بالرغم ممّا اشتهر وعُرف عنه من اهتمامه بأمر الحديث ، فإنّ المتتبّع في مجموع آرائه وبحوثه الفقهية التي ضمّنها كتابه الروائي يجد أنّ ثمّة مرتكزات ومنطلقات اُصولية للبحث الفقهي عند الكليني ، نشير إليها لعلّها تكون ومضة في الكشف عن خلفيات البعد الفقهي عند هذا الفقيه :

1. الأدلّة

يدور محور البحث الفقهي لدى الكليني على الأدلّة التالية : الكتاب ، السنّة ، الإجماع .
أمّا الدليل الأوّل فقد استند إليه في مجموعة من آرائه وبحوثه ، والدليل الثاني يمثّل المحور الأساس في كتابه .
وأمّا الإجماع فقد ارتكن إليه في مواضع من كتاب الإرث ، مرتئيا حجيّته بالرغم من عدم الوقوف على منشأ الحجّية والاعتبار لديه . وإليك بعض النماذج والتطبيقات

صفحه از 86