المحدّث الكليني و أثره الخالد - صفحه 90

للّه سبحانه خصائص الموجود الإمكاني وينزهّونه عن الجسم والجسمانية .
ولحقه أحمد بن محمّد السِّجِستاني السَّجزِي ، وقد اعتمد عليه الذهبي قائلاً :
بلغني أنّ ابن خزيمة حسن الرأي فيه ، وكفى بهذا فخرا ۱ .
وكان لتلك الأفكار انتشار وصدى في الحواضر الإسلامية ، ولأجل نقد هذه المسائل ، عقد شيخنا الكليني في أُصول الكافي أبوابا وفصولاً عديدة لردّها وإبطالها. ۲
وكان أبو الحسن الأشعري (المعاصر للكليني) في أوّل أمره معتزليا رافعا لواء العقل والتفكير ، إلّا أنّه رجع في عام 305 ه عن ذلك المنهج ، والتحق بمنهج الإمام أحمد مناديا بأعلى صوته في الجامع الكبير في البصرة : «من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أُعرّفه بنفسي ، أنا فلان بن فلان ، كنت قلتُ بخلق القرآن ، وأنّ اللّه لا يُرى بالأبصار ، وأنّ أفعال الشرّ أنا أفعلها ، وأنا تائب مقلع معتقد للردّ على المعتزلة» ۳ .
وهذا يشير إلى أنّ الجوّ العامّ في ذلك العصر لم يكن لصالح الداعين إلى التحرّر من الجمود والتقليد ، وإعمال الفكر والنظر .

ثقافته الواسعة

لم يكن الشيخ الكليني متمكّنا من فنّ الحديث فحسب ، بل كان مع براعته فيه ، ملمّا بثقافة عصره ، مشاركا أو متخصّصا في أكثر من فرع من فروعها ، يظهر ذلك ممّا جاد به قلمه في كتبه العديدة .
فأدبه الراقي تبدو ملامحه من خلال مقدّمة الكافي وكذا من ثنايا هذا الكتاب ، كقوله :

1.ميزان الاعتدال : ج ۱ ص ۱۳۲ .

2.انظر : الكافي (كتاب التوحيد) : ج ۱ ص ۱۳۷ ـ ۲۰۵ .

3.فهرست ابن النديم : ص ۲۷۱ .

صفحه از 99