مختارات من نوادر « روضة الكافي » للكليني - صفحه 316

« وَبَثَقا عَلَينا بَثقا في الإسلامِ لا يُسكَرُ أبَدا »

عن أبي جعفر الباقر عليه السلام :
وبَثَقا علينا بثقا في الإسلام لا يُسكَرُ أبدا حتّى يقوم قائمنا ، أو يتكلّم متكلّمنا۱.
في البثق معنى الحبس قبل التدقّق ، وفي السكَر الحبس والمنع .
وقد أظهر اللغويون المعاني المادّية للمفردتين ، في مثل قولهم : بثق السيل الموضع ؛ بمعنى خرَقَه وشقّه وفجّره وكسَرَ شطّه ، وانبثق : انفجر ؛ إذا اندرأ ماؤه من غير أن يُشعر به .
وكسرك شطّ النهر لينبثق الماء ، وقد بثقته بثقا ؛ إذا أكّدت انبثاقه .
وسَكرُ النهرِ سدّه ، والسَّكرُ : السدّ والحبس ۲ ، ومنه قوله تعالى : « سُكِّرَتْ أَبْصَـرُنَا »۳ ؛ أي حُبست وسُدّت عن النظر من الحيرة .
كأنّ الباثقين في نصّ الإمام عليه السلام قد حبسوا الأمر في صدورهما كحبس السدّ الماء ، إلى أن جاء زمن البثق والكسر والانفجار ، بعد التحمّل وضيق الاحتفاظ وإخفاء البرم .
وجاء بناء الجملة وسبكها ليناسب هذا المعنى ، فقد أكّد الفعل « بثق » بمصدره المنصوب ، أي المفعول المطلق « بثقا بثقا في الإسلام » ، ثمّ جاء بما يؤكّد هذا ويدلّ على استمراره ، أي نفي سدّه أو إيقافه بنفي سكره « لا يُسكَرُ » ، ثمّ بالظرف « أبدا » ، ذلك كلّه لإرادة معنى الإحكام في منع السدّ وقصد الضرر وتأسيس ما يحقّق دوام الكسر والانبثاق .
الفعل الماضي « بَثَق » أُسند إلى ألف الاثنين ، والجار والمجرور يعود على الفعل « بثق » ، وجملة « لا يُسكر » صفة لـ « بثقا » ، والفعل « يُسكَرُ » مبني للمجهول ، و« أبدا » ظرف زمان منصوب ، و« حتّى » لانتهاء الغاية بمعنى « إلى أن » ، والفعل المضارع بعدها منصوب بـ « أن » مضمرة .

1.الكافي للكليني : ج ۸ ص ۷۱۶ .

2.انظر : مقاييس اللغة : ج ۱ ص ۱۹۷ و ج ۳ ص ۸۹ ؛ تاج العروس : ج ۱۲ ص ۶۵ ـ ۶۷ وج ۲۵ ص ۳۲ .

3.الحجر : ۱۵ .

صفحه از 338