مختارات من نوادر « روضة الكافي » للكليني - صفحه 328

« مِن هَذا ضِغثٌ وَمِن هَذا ضِغثٌ »

من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في إيضاح اختلاط الأُمور على من لم يبحث عن الحقّ وأهله ليلزمه ، ويعرف الباطل ليتجنّبه ويتجنّب أهله ، قوله :
إنّ الحقّ لو خَلَصَ لم يكن اختلاف ، ولو أنّ الباطل خَلَصَ لم يُخَف على ذي حِجىً ، لكنّه يأخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث ، فيمزجان فيجلّلان معا ، فهناك يستولي الشيطان على أوليائه۱.
ضغث : أصل يدلّ على التباس الشيء بعضه ببعض ، يقال للحالم : أضغث الرؤيا ، والأضغاث : الأحلام الملتبسة ۲ .
فإذا التبست الأحلام بعضها ببعض فلا تتميّز مخارجها ولا يستقيم تأويلها ، فهي إذ ذاك أضغاث أحلام ، والضغث من الخبر والأمر : ما كان مختلطا لا حقيقة له ۳ . وأصل الضغث : القُبضة والحُزمة والقُمش ، أي مل ء الكفّ ، وكلّ مقبوض بجُمع الكفّ ضغث ، والضغث قبضة من قضبان أو حشيش ، أو كلّ ما ملأ اليد ، وفي التنزيل العزيز : «وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِّهِ وَ لَا تَحْنَثْ»۴ ، يقال إنّ أيّوب عليه السلام أخذ حزمة من أسل ضرب بها امرأته ضربة واحدة ، فخرج من يمينه ۵ .
عبّر أمير المؤمنين عليه السلام عن أنّ مدخل الشيطان واستيلاءه على أوليائه اختلاط الأُمور ؛ ذلك لغموض الأُمور على غير المدقّق ، فلا خلوص للحقّ من الباطل ؛ لأنّه « يأخذ من هذا ضغث ، ومن هذا ضغث » . والجملة فعلية ، أُسند فعلها المضارع « يأخذ » إلى « ضغث » ، وعطف عليه مثله ، ولم يكتفِ بالأخذ من هذا ومن هذا ، بل ذكر الخلط بينهما في قوله : « فيمزجان » ثمّ يغطّيان ، في قوله : « فيجلّلان » ، للاختبار بالإلباس والإغراء .
واختار ضغث ولم يختر قبضة التي بمعناها ؛ لأنّه أراد معنيي ضغث ؛ لأنّه أراد فضلاً عن القبضة الاختلاط والامتزاج التي تتضمّنها ضغث ، ثمّ ذكر الاختلاط والامتزاج أنفسهما .

1.الكافي : ج ۸ ص ۶۲۵ .

2.مقاييس اللغة : ج ۳ ص ۳۶۳ .

3.التهذيب : ج ۸ ص ۴ .

4.سورة ص : ۴۴ .

5.انظر تاج العروس : ج ۵ ص ۲۷۷ ـ ۲۸۹ .

صفحه از 338