تراثه الفقهي
من أجل أن تتكامل الصورة عن البعد الفقهي لدى فقيهنا الكليني ، ذلك البعد الذي بقي غائما في مجمل نشاطه العلمي ، فقد قمنا بتتبّع تراثه الفقهي ، وجمع شتاته وتبويبه وترتيبه ، عسى أن يكون انطلاقة لدراسة أعمق وأوسع حول البعد الفقهي عند الشيخ الكليني .
الوضـوء
الكليني بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم، قال :
سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء؟ فقال : ما كان وضوء عليّ عليه السلام إلّا مرّة مرّة .
قال الشيخ الكليني معلّقا على هذا الخبر :
هذا دليل على أنّ الوضوء إنّما هو مرّة مرّة ؛ لأنّه ـ صلوات اللّه عليه ـ كان إذا ورد عليه أمران كلاهما للّه طاعة أخذ بأحوطهما وأشدّهما على بدنه ، وأنّ الذي جاء عنهم عليهم السلام أنّه قال : « الوضوء مرّتان » أنّه هو لمن لم يقنعه مرّة واستزاد ، فقال : « مرّتان » ، ثمّ قال : « ومن زاد على مرّتين لم يؤجر » . وهذا أقصى غاية الحدّ في الوضوء الذي من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء ، وكان كمن صلّى الظهر خمس ركعات . ولو لم يطلق عليه السلام في المرّتين لكان سبيلهما سبيل الثلاث ۱ .
الصـلاة
1 ـ وقت صلاة المغرب
الكليني عن زرارة والفُضيل ، قالا : قال أبو جعفر عليه السلام :
إنّ لكلّ صلاة وقتين ، غير المغرب، فإنّ وقتها واحد ، ووقتها وجوبها ، ووقت فوتها سقوط الشفق .
وروي أيضا أنّ لها وقتين، آخرُ وقتها سقوط الشفق .
قال قدس سره بعد هذا الخبر :
وليس هذا ممّا يخالف الحديث الأوّل أنّ لها وقتا واحدا ؛ لأنّ الشفق هو الحمرة ، وليس بين غيبوبة الشمس وبين غيبوبة الشفق إلّا شيء يسير ؛ وذلك أنّ علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة ، وليس بين بلوغ الحمرة القبلة وبين غيبوبتها إلّا قدر ما يصلّي الإنسان صلاة المغرب ونوافلها إذا صلّاها على تُؤَدَة وسكون ، وقد تفقّدت ذلك غير مرّة ؛ ولذلك صار وقت المغرب ضيّقا ۲ .
1.المصدر السابق : ج ۳ ص ۳۶ .
2.المصدر السابق : ص ۲۸۳ .