دراسة حول الأبعاد الفقهية في تراث الشيخ الكليني - صفحه 249

الخمس والأنفال ، الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ جعل الدنيا كلّها بأسرها لخليفته ، حيث يقول للملائكة : «إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً»۱ فكانت الدنيا بأسرها لآدم ، وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه ، فما غلب عليه أعداؤهم ثمّ رجع إليهم بحرب أو غلبة سُمّي فيئا ؛ وهو أن يفيء إليهم بغلبة وحرب ، وكان حكمه فيه ما قال اللّه تعالى : «وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَـمَى وَالْمَسَـكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ»۲ ، فهو للّه وللرسول ولقرابة الرسول ، فهذا هو الفيء الراجع ؛ وإنّما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فاُخذ منهم بالسيف . وأمّا ما رجع إليهم من غير أن يوجَف عليه بخيل ولا ركاب فهو الأنفال ؛ هو للّه وللرسول خاصّة ، ليس لأحد فيه الشركة، وإنّما جُعل الشركة في شيء قوتل عليه ، فجُعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم ، وللرسول سهم ، والذي للرسول صلى الله عليه و آله وسلميقسمه على ستّة أسهم : ثلاثة له ، وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل .
وأمّا الأنفال فليس هذه سبيلها ، كان للرسول صلى الله عليه و آله وسلم خاصّة ، وكانت فدك لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمخاصّة ؛ لأنّه صلى الله عليه و آله وسلم فتحها وأمير المؤمنين عليه السلام ، لم يكن معهما أحد ، فزال عنها اسم الفيء ولزمها اسم الأنفال . وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصّة ، فإن عمل فيها قومٌ بإذن الإمام، فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس ، والذي للإمام يجري مجرى الخمس ، ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كلّه ، ليس لأحد فيه شيء . وكذلك من عمّر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض، فليس له ذلك ، فإن شاء أخذها منه كلّها، وإن شاء تركها في يده ۳ .

1.البقرة : ۳۰ .

2.الأنفال : ۴۱ .

3.أُصول الكافي : ج ۱ ص ۶۰۴ .

صفحه از 257