دراسة حول الأبعاد الفقهية في تراث الشيخ الكليني - صفحه 250

كتاب المواريث

1 ـ باب وجوه الفرائض

قال :
إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ جعل الفرائض على أربعة أصناف ، وجعل مخارجها من ستّة أسهم :
فبدأ بالولد والوالدين الذين هم الأقربون وبأنفسهم يتقرّبون لا بغيرهم ، ولا يسقطون من الميراث أبدا ، ولا يرث معهم أحد غيرهم إلّا الزوج والزوجة ، فإن حضر كلّهم قُسِّم المال بينهم على ما سمَّى اللّه عزّوجلّ ، وإن حضر بعضهم فكذلك ، وإن لم يحضر منهم إلّا واحد فالمال كلّه له ، ولا يرث معه أحد غيره إذا كان غيره لا يتقرَّب بنفسه وإنّما يتقرّب بغيره ، إلّا ما خصّ اللّه به من طريق الإجماع أنّ ولد الولد يقومون مقام الولد ، وكذلك ولد الإخوة إذا لم يكن ولد الصلب ولا إخوة . وهذا من أمر الولد مجمع عليه ، ولا أعلم بين الأُمّة في ذلك اختلافا . فهؤلاء أحد الأصناف الأربعة .
وأمّا الصنف الثاني فهو الزوج والزوجة ، فإنّ اللّه عزوجل ثنّى بذكرهما بعد ذكر الولد والوالدين ، فلهم السهم المسمّى لهم ، ويرثون مع كلّ أحد ، ولا يسقطون من الميراث أبدا .
وأمّا الصنف الثالث فهم الكلالة ؛ وهم الإخوة والأخوات إذا لم يكن ولد ولا الوالدان ؛ لأنّهم لا يتقرّبون بأنفسهم وإنّما يتقرّبون بالوالدين ، فمن تقرّب بنفسه كان أولى بالميراث ممّن تقرّب بغيره . وإن كان للميّت ولد ووالدان أو واحد منهم، لم تكن الإخوة والأخوات كلالة ؛ لقول اللّه عزّوجلّ : «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌاْ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ» ، يعني الأخ «إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ»۱
، وإنّما جعل اللّه لهم الميراث بشرط ، وقد يسقطون في مواضع ۲ ولا يرثون شيئا ، وليسوا بمنزلة الولد والوالدين الذين لا يسقطون عن الميراث أبدا . فإذا لم يحضر ولد ولا والدان فللكلالة سهامهم المسمّاة لهم ، لا يرث معهم أحدٌ غيرهم إذا لم يكن ولد إلّا من كان في مثل معناهم .
وأمّا الصنف الرابع فهم أُولو الأرحام الذين هم أبعد ۳ من الكلالة ، فإذا لم يحضر ولد ولا والدان ولا كلالة ، فالميراث لأُولي الأرحام منهم ؛ الأقرب منهم فالأقرب ، يأخذ كلّ واحد منهم نصيب من يتقرّب بقرابته . ولا يرث أُولو الأرحام مع الولد ولا مع الوالدين ولا مع الكلالة شيئا ، وإنّما يرث أُولو الأرحام بالرحم ، فأقربهم إلى الميّت أحقّهم بالميراث ، وإذا استووا في البطون فلقرابة الأُمّ الثلث ولقرابة الأب الثلثان ، وإذا كان أحد الفريقين أبعد فالميراث للأقرب على ما نحن ذاكروه إن شاء اللّه ۴ .

1.النساء : ۱۷۶ .

2.هي التي لم يتحقّق فيها الشرط المذكور ( مرآة العقول : ج ۲۳ ص ۱۱۱ ) .

3.أي الأعمام والأخوال وأولادهم ، فإنّهم يتقرّبون بالجدّ ، والجدّ يتقرّب بالأب أو الأُمّ ( مرآة العقول : ج ۲۳ ص ۱۱۲ ) .

4.فروع الكافي : ج ۷ ص ۷۴ .

صفحه از 257