المؤلّفة قلوبهم
ذكرهم الشيخ قائلاً:
المشهور بين الأصحاب أنّهم كفّار يُستمالون للجهاد. قال المفيد رحمه اللّه : المؤلّفة قسمان: مسلمون، ومشركون في القواعد... المؤلّفة قسمان: كفّار يُستمالون إلى الجهاد أو إلى الإسلام، ومسلمون ۱ .
عن أبي جعفر عليه السلام قال:
المؤلّفة قلوبهم قوم وحّدوا اللّه وخلعوا عبادة [من يعبد ]من دون اللّه ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّدا رسول اللّه ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتألّفهم ويعرفهم؛ لكيما يعرفوا ويعلّمهم۲.
عن سهل بن زياد، عن علي بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن رجل، قال: قال أبو جعفر عليه السلام :
ما كانت المؤلّفة قلوبهم قطّ أكثر منهم اليوم، وهم قوم وحّدوا اللّه وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله قلوبهم وما جاء به، فتألّفهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتألّفهم المؤمنون بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ لكيما يعرفوا۳.
الخاتمة
أصل البحث لمفهوم الآخر في الدراسات المعرفية والجمالية، فظهر أنّ الآخر هو المغاير يأتي بمعنى الغير، سواء أكان أنساناً أو شيئاً آخر، وتشمل تلك المغايرة العدد والماهية .
إنّ مسألة الاختلاف تحيل إلى وجودٍ آخر يتمايز ويتراتب في صراعٍ عقائدي أو فكري شرائعي، أو سلوكي يندمج بعدها أو يفارق حسبما يقتضيه الخطاب، فكلّ طائفة ترى أنّها صاحبة الحقّ والأولوية والصواب، ولهذا تعدّدت صور الآخر واتّسعت دائرته لتشمل كلّ المواقف والمناهج المتبعة من كلّ ذات، فالوعي بظاهرة الاختلاف والتمايز يجسّد الآخر بوصفه اختلافاً دينياً أو ثقافياً، سواء تقدّم باعتباره شريكاً مسالماً أو في هيئة كيانٍ غازٍ أو في صفة محتلٍّ، أو تقدّم إلى مساحة الوعي كاختلافٍ جسدي أو ثقافي، لذا صوّر لنا الشيخ الكليني خلال حديثه عن الفرق أشخاصا ينتمون إلى هذا الفكر أو ذاك، إلّا أنّه في مواطنٍ أُخرى قصد السلوكيات الشخصية والخلقية التي تُمارس باسم هذا الدين أو ذاك المعتقد بغير حقّ. ومن جهةٍ أُخرى ذكر لنا بعض الصفات الممدوحة والمتمايزة بحسب التجربة والممارسة التي أفضت إلى تراتبيات جمالية في المثال (الجلال ـ الجمال)، والصفات المذمومة (القبح)، والتراتبية الاجتماعية التي أعطت لهذا الفرد أو ذاك حقّ التمايز والتراتب والاصطفاء؛ الأمر الذي مكّنه من حمل الفكر المغاير وتبليغه.
خلاصة القول: إنّ البحث في صور الآخر عند الشيخ بحاجة إلى دراسة متأنّية يقف بها الدارس على أدقّ المعالم التي رسمها الشيخ في تحوّلات الآخر بعد ممارسة التجربة الدينية، يمكن بحثها في قابل الأيّام. وآخر دعوانا أنّ الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله الطاهرين .