مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 101

ولم ير أحد مناما بشأن الكافى، كمنام الفربرى بشأن صحيح البخارى. ۱ ولم يتجرّأ أحد على القول بأنّ كل من روى عنه الكلينى صار فوق مستوى الشبهات، كما كان يصرّح أبو الحسن المقدسى بأن كل من روى عنه البخارى فقد جاز القنطرة، أى لا يلتفت إلى ما قيل فيه، وأيّده على ذلك أبو الفتح القشيرى. ۲ ولم يُغالِ أحد من شعراء الشيعة بوصف أخبار الكافى، كما غالى البرهان القيراطى فى قصيدته العينية بأخبار البخارى، وزاد عليه أبو الفتوح إذ يقول:

كأنّ البخاريَّ فى جمعهتلقّى من المصطفى ما اكتتب!!!۳
هذا مع أنّ بعض ما اكتتبه البخارى كان من رواية عمران بن حطان، وعكرمة، وإسماعيل بن أبى اُويس، وعاصم بن عليّ، وعمرو بن مرزوق، وسُويد ابن سعيد وعشرات من نظائرهم الذين عرفوا بأسوأ ما يعرف به الرواة.
نعم، لم يقلْ أحد من الشيعة بنحو هذه الأقوال بشأن الكافى.
وإذا كان الاسترابادى الأخبارى رامَ أنْ يجعل كلّ أحاديث الكافى قطعيّة الصدور بقرائن لم تنهض بمدّعاه، فقد ردّه محقّقو الشيعة وأثبتوا بطلان هذه الدعوى، ويكفى أنّ من جملة الرادّين عليه هو خاتمة المحدّثين وشيخ الأخباريين العلّامة النوريّ (ت/ 1320ق). ۴
ولم يذهب أحد إلى القول بأنّ الكلينى لم يخرج الحديث إلّا عن الثقة، عن مثله فى سائر الطبقات، بل غاية ما يُستفاد من كلامهم، هو أنّ أخبار الكافى مستخرجة من الاُصول المعتبرة التى شاعَ بين قدماء الشيعة الوثوق بها والاعتماد عليها، إذْ كانت مشهورة معلومة النسبة إلى مؤلّفيها الثقات الأثبات.
كما أنّ إعراض الفقهاء عن بعض مرويّات الكافى، لا يدلّ على عدم صحّتها عندهم، ولا ينافى كون الكافى من أجلّ كتبهم، إذْ ربّ صحيحٍ لم يُعمل به لمخالفته المشهور، وقد يكون وجه الإعراض لدليل آخر وعلّة اُخرى لا تقدح بصحّة الخبر.
وإذا ما عدنا إلى معنى «الصحيح» عند متقدّمى الشيعة وعرفنا المصطلح الجديد فيه،

1.فتح البارى بشرح صحيح البخارى، ص ۴۹۰ من المقدمة.

2.فتح البارى، ج ۱، ص ۳۸۱ من المقدمة.

3.ارشاد الساري، ج ۱، ص ۳۰.

4.خاتمة مستدرك الوسائل، ج ۳، ص ۵۳۳ الفائدة الرابعة.

صفحه از 140