مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 106

اللّه تعالى فرجه الشريف، وثالثة يتساء ل: كيف لم يطلب أحد السفراء من الكلينى كتابه لعرضه على الإمام عليه السلام ؟ وهلّا حظى الكافى بعناية السفراء واهتمامهم، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأنا من الكافى؟
ولمّا كان يرى قبول حكاية العرض إفراطا، ونفيها تفريطا، حاول تلطيفها والاتيان بقولٍ وسطٍ شاذٍ مضحكٍ، وهو احتمال عرض بعض أجزاء الكافى على الإمام المهديّ عليه السلام !
وجميع هذا الكلام باطل؛ لأنّ ما يعنيه عرض أجزاء من الكافى هو إمّا أن تكون أحاديث تلك الأجزاء المعروضة موضع تأمّل الكلينى، أوْ لا.
وعلى الأوّل: يمكن له فحصها بنحو ما فحص به أحاديث الأجزاء التى لم تعرض، خصوصا وهو عالم بالأخبار، وعارف بها بشهادة من عرفت فى ترجمته.
وعلى الثانى، لا يحتاج إلى مسألة العرض أصلاً.
وأمّا عن الصلات والتردّد، فاعلم أنّه لا توجد للكلينى رواية واحدة فى الكافى عن أيٍّ من السفراء الأربعة بلا واسطة، مع أنّه دخل العراق كما نرى قبل سنة 310ق، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء كما تقدّم.
كما لم يكثر الكلينى الرواية عن أيٍّ منهم بالواسطة، بل لم تكن مرويّاتهم فى كتب الحديث الأربعة بتلك الدرجة من الكثرة، ولعلّها لا تزيد على عشرة أحاديث، من بينها حديثان فقط فى اُصول الكافى. ۱
وهذا يكاد يكون بمنزلة التصريح منهم (قدّست أسرارهم) بإيكال أمر الحديث إلى أعلّامه من الشيعة، لانشغالهم بتنفيذ أوامر الإمام المعصوم عليه السلام أكثر من أى أمر آخر، ويدلّ عليه كتاب الغيبة للشيخ الطوسى الذى ضمّ معظم المرويّ عنهم، وكان جلّه بهذا الخصوص، ثمّ انّ دور أهل البيت عليهم السلام هو إرشاد رواة الحديث إلى كيفية معرفة الصحيح وتمييزه عن غيره بقواعد رصينة سار عليها علماء الشيعة إلى اليوم، هذا مع التنديد بالغلاة ولعنهم لتجنّب الرواية عنهم، ومدح الثقات والتعريف بهم لأخذ الرواية منهم،

1.اُصول الكافى، ج ۱، ص ۳۹۰ ـ ۳۹۱، ح ۱ و۴ باب ۷۷ من كتاب الحجة.

صفحه از 140