مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 109

كرواة الشيعة عالما بفضل أهل البيت، بل كان زاهدا عابدا بلا علم ولا معرفة. ۱
وإذا علمنا أنّ الظرف السياسى الذى عاشه الإمام المهدى عليه السلام فى غيبته الصغرى، هو أصعب بكثير ممّا كان عليه آباؤه عليهم السلام ، اتّضح لنا أنّ عرض المؤلّفات عليه (حفظه اللّه بعينه ورعايته) ليس أمرا طبيعيا، ولا تقتضيه ظروف المرحلة، بقدر ما تقتضى بيان دَور الشيعة فى غياب مَنْ لم يعرفه مات ميتة جاهليّة. وليس من المعقول جدّا أن لا يلتفت السفراء إلى مثل هذا حتّى يجعل من الإمام المهدى (أرواحنا فداه) مصحّحا لمؤلّفات الشيعة. وكيف يغفل الكلينى عن مثل هذا فيقدّم كتابه طواعية إلى السفراء ليأخذ نصيبُه من نظر المنتظر صلوات اللّه وسلامه عليه؟
ثمّ أليس يعنى هذا سلب القدرة العلميّة عن ثقة الإسلام الذى عدّه خصوم الشيعة من المجدّدين على رأس المائة الثالثة؟
وأمّا ما ذُكر فى المقام من دأب السفراء الأربعة (رضى اللّه عنهم) على متابعة الكتب والتأكّد من سلامتها! فهو كذب عليهم، مع المبالغة الظاهرة، زيادة على خطأ الاستدلال به.
ووجه الكذب، هو أنّه لم يُعْرَف عنهم ذلك، ولا ادّعاه أحدٌ منهم، ولا نسبه فاضِل إليهم.
ووجه المبالغة: هو أنّ غاية ما يعرف عنهم فى ذلك، طلب السفير الثالث الحسين بن روح رضى الله عنهكتاب التكليف ليقرأهُ بنفسه ۲ وهو من تأليف أبى جعفر محمّد بن على بن أبى العزاقر المعروف بالشلمغانى بعد أن صار يدّعى أشياء عظيمة باطلة أدّت إلى لعنه والبراءة منه وقتله سنة (323ق)، وكان قبل ذلك وكيلاً عن السفير الثالث فى الكوفة وكان كتابه (التكليف) رائجا عند الشيعة لأنّه كان ألَّفه قبل انحرافه واشتهاره بالكذب على السفير الثالث رضى الله عنه.
ومنه يعلم أن علّة قراءة ابن روح رضى الله عنه لكتاب التكليف إنّما هى لتوقّعه تعمّد الشلمغانى الكذب عليه أو على الإمام عليه السلام ودسّه فى كتابه ترويجا لباطله. حتى كان بعض القُميين يُراسل الشيخ الحسين بن روح للتأكّد من جوابات بعض المسائل خشية أن تكون للشلمغانى يد فيها. ۳

1.اصول الكافى، ج ۱، ص ۴۱۳، ح ۸ ؛ باب ۸۱ من كتاب الحج.

2.كتاب الغيبة للشيخ الطوسى، ص ۴۰۸، ح ۳۸۲.

3.كتاب الغيبة للشيخ الطوسى، ص ۳۷۳، ح ۳۴۵.

صفحه از 140