مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 110

ولو لم ينحرف لما كان الشيخ بحاجة إلى كلّ هذا، ولترك كتابه كما ترك غيره من مؤلّفات الشيعة التى كانت تزخر بها دورهم ومكتباتهم فى بغداد.
ومما يقوى ذلك ويؤيّده، هو أنّ الحسين بن روح نفسه رضى الله عنه أنفذ كتاب التأديب من بغداد إلى قم، وكتب إلى فقهاء قم أن ينظروا ما فيه من فتاوى تخالف ما عليه الشيعة ۱ ولم يتولّ ذلك بنفسه، بل أوكل الأمر إلى أهل الاختصاص على الرغم من جدارته بذلك.
ومنه يعلم خطأ الاستدلال بموقفه من الكتابين المذكورين ولا نعلم لهما ثالثا على طلب الكافى للنظر فيه أو عرضه على الإمام المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.
وأما عن الاستدلال على حكاية العرض، بالتوقيع الخارج من الناحية المقدسة إلى الصدوق الأوّل (ت/ 329ق) ۲ فلا ينبغى لأحد أن يصدّقه دليلاً، أو يتوهّمه شاهدا على صحّة احتمال عرض الكافى أو بعضه على الإمام المهدى عليه الصلاة والسلام بتوسّط أحد السفراء رضى اللّه عنهم؛ لاختلاف الموضوع بينهما اختلافا جذريا بحيث لا يمكن أن يُقاس أحدهما بالآخر؛ لأنّ طلب الولد عن طريق الدعاء المستجاب انحصر بناء على رغبة الطالب وهو الصدوق الأوّل بالإمام المعصوم، وليس الحال كذلك فى تقييم كتب الحديث، لإناطة ذلك إلى أهل العلم القادرين على معرفة الصحيح من الأخبار.
ومن كل ما تقدّم يعلم أنّ الاغترار بحكاية «الكافى كاف لشيعتنا» وتصحيحها أو تلطيفها لا يستند على أيّ دليل علمي، بل جميع الأدلّة المتقدّمة قاضية ببطلان تلك الحكاية التي لم يسمعها الكلينى نفسه، ولم يعرفها أحد من تلامذته، ولم يكن لها وجود فى عصر الغيبة الصغرى (329 ـ 260ق) ولم يعرفها أحد ولا سمع بها أحد فى أكثر من سبعة قرون بعد وفاة الكلينى، لأنّ أوّل من نسبت إليه ولم ينسبها إلى كتاب، أو يسندها إلى راو قط هو الشيخ خليل بن غازى القزوينى (ت/ 1089ق)، وقد يكون سمعها من بعض مشايخ عصره، لما سيأتى من انكار الاسترابادى لها، وهو قد مات قبل القزوينى بأكثر من خمسين عاما، فأشاعها من غير تدفيق ولا تحقيق.

1.كتاب الغيبة للشيخ الطوسى، ص ۴۹۰، ح ۳۵۷.

2.كمال الدين، ج ۳، ص ۵۰۳ ، ذيل الحديث ۳۱؛ ورجال النجاشى، ص ۲۶۱، ش ۶۸۴؛ وكتاب الغيبة للشيخ الطوسى، ص ۳۳۰، ش ۲۶۶.

صفحه از 140