مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 114

للصدوق طريقين إلى ما رواه عن الحسن بن راشد ووقع فى كليهما القاسم بن يحيى ۱ وبهذا يكون خبر الكافى صحيحا من طريق الرواية على مبنى الصدوق، وبالتالى فهو غير دالّ على نفى دعوى الاطمئنان، بل لعلّه يُفيدها بتقريبين: أحدهما عدم درك ابن الوليد لخبر الكافى، خصوصا وأنّه لم يرو عن الكلينى ولا الكلينى عنه فى جميع أجزاء الكافى مع المعاصرة بينهما فضعّف الخبر من غير طريق الكافى، وتابعه الصدوق، والآخر: تثبّت ثقة الإسلام فى الرواية، إذ تجنّب رواية الخبر من الطريق الضعيف بالهمدانى.
وأمّا عن إقدام الصدوق على تأليف كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه حين طلب منه ذلك الشريف نِعْمة، كما مُبيّن فى خطبة الكتاب، وعدم إرجاع السائل إلى الكافى، فلا يدلّ على الطعن بكتاب الكافى مطلقا؛ لأنّ تأليف الفقيه كان بمنزلة تأليف رسالةٍ فقهيّةٍ عمليةٍ تعتمد على نصوص الأخبار، ولا يجوز للمرجع الدينى كالصدوق مثلاً أنْ يُحيل السائل لإنجاح بُغيته فى الوقوف على الأحكام الفقهيّة إلى كتاب حديثى واسع كالكافى. ومن هُنا نُشاهد أنّ أحاديث كتاب الفقيه لم تبلغ أكثر من خمسة آلاف وتسعمائة وحديثين، بينما اشتمل فروع الكافى على أحد عشر ألفا وأربعمائة وحديثين بحسب ترقيم الأحاديث فى طبعات الكافى، هذا مع وجود أحاديث كثيرة اُخرى فى فروع الكافى لم ترقّم فى تلك الطبعات.
وإلى هنا يتّضح أنّ الاستدلال بمواقف الصدوق من الكافى جملةً أو تفصيلاً على نفى دعوى الاطمئنان والوثوق بأخبار الكافى غير تامّ.
نعم، ورد فى كلمات الشيخ المفيد (ت/ 413ق)، والسيّد المرتضى (ت/436ق) ما هو صريح بنفى هذه الدعوى.
من ذلك ما قاله الشيخ المفيد ۲ عن رواية محمّد بن سنان عن حذيفة بن منصور فى

1.من لا يحضره الفقيه، ج ۴، ص ۴۲۶ ـ ۴۲۷، من المشيخة.

2.انظر: المجموعة الكاملة لمصنّفات الشيخ المفيد، المجلد التاسع، جوابات أهل الموصل فى العدد والرؤية، ص ۱۹ ـ ۲۰.

صفحه از 140