مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 68

الاُصول الأربعمائة، هو أنّ محتوياتها ظلّت محفوظةً فى كتبنا الحديثيّة المعتمدة، وعلى رأسها كتاب الكافى لثقة الإسلام الكُلينيّ الذي عُقد هذا البحث لأجله وكتابه، لكي نقف على منزلة الكليني ومكانته العلميّة، ومزايا الكافى، والمنهج المتّبع فيه، مع ما يتّصل بهما من اُمور اُخرى على النحو الآتى:

الحياة السياسية والعلمية فى عصر الكلينى:

عاش الكُلينى فى مركزيْنِ مرموقَيْنِ من مراكز العلم والدين فى عصره، وهما: الريّ أوّلاً، وبغداد أخيرا.وفى الرى تلقى علومه الاُولى وثقافته إلى أن صار شيخ الشيعة فى الريّ ووجههم.
وفى بغداد انتهت إليه رئاستهم فى عهد المقتدر باللّه العباسيّ (220 ـ 295ق)، وأصبح فيها القطب الذى تدور حول محوره رحى أحاديثهم.أما عصره الممتدّ ابتداء من النصف الثانى للقرن الثالث الهجرى، وانتهاء بأواخر العقد الثالث من القرن الرابع الهجرى، فقد كاد يكوّن منعطفا حاسما فى تاريخ التدهور السياسيّ والتطوّر الفكريّ، إذ اتّسم ذلك العصر بحالتين متناقضتين، هما: الحالة السياسية التي شهدت انتكاسات خطيرة مُنِيَ بها الحكم العباسي بسبب ضعف السلطة المركزية. والحالة الفكرية التي وصلت إلى قمة النضج والعطاء بحيث أصبحت مؤلّفات ذلك العصر لا سيّما فى الحديث والتفسير من اُمّهات المصادر الأساسية المعتمدة لدى المسلمين فى العصور اللاحقة.وخلاصة ذلك فى الرى من الناحية السياسية، أنّه تعاقبت على حكمها دُوَيلات محليّة نتيجة الضعف الذى دبّ فى جسم الحكومة العباسيّة، مما أدّى ذلك إلى حصول شرخ كبير فى قوّتها وهيبتها بحيث توزّعت دولة بنى العباس على دويلات صغيرة متناحرة بعد قيام الحركات الانفصالية فى مختلف الأمصار.فصارت بلاد فارس والرى وأصبهان بيد البويهيين، والموصل والجزيرة بيد الحمدانيين، ومصر والشام بيد طغج، والاندلس بيد الاُمويين، وخراسان بيد السامانيين، واليمامة وأعمال هجر والبحرين بيد القرامطة، وجرجان بيد الديلم. ولم

صفحه از 140