مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 70

وهكذا استمرّ حكم الريّ بيد السامانيين، ولم ينقطع حكمهم عليها إلّا فى فترات قليلة تعرّضت فيها الرى إلى أطماع الساجيين، إذ استطاع يوسف بن ديوداد الساجى أن يسيطر على الريّ وتمكّن من قتل واليها أحمد بن علي بن صعلوك سنة (311ق)، لكنّها عادت إلى سيطرة السامانيين ثم تعرّضت فى أواخر عهدهم إلى أطماع الديالمة سنة (316ق). ۱ ولم تلبث الريّ على ذاك الحال إلى أن خضعت لسلطة البويهيّين الذين أحكموا القبضة عليها بعد ذلك التاريخ، وأحسنوا السياسة فيها بتقريب العلماء وإكرامهم.
ولما كانت مغادرة الكُلينى الريّ إلى بغداد قبل سنة (310ق) كما سنبيّنه ولكون سُلطة البويهيين على الرى لم تتحقّق إلّا بعد عدّة سنوات من مغادرته الريّ، فمنه يُعلم أنّه رحمه اللهغادر الرى فى فترة حكم السامانيين عليها، ولم يشهد دخول البويهيّين إليها، ولم يَحْظَ برعايتهم قطّ لا فى الريّ كما عرفت، ولا فى بغداد التي ضمّت رُفاته الطاهر قبل دخول البويهيّين إليها بخمس سنوات بلا خلاف بين سائر المؤرّخين.هذا، وإلى جانب التدهور السياسى المذكور فى الريّ، نجد العكس تماما فى الحياة العلمية والفكرية فى تلك البلاد التى انتعشت فيها حركة الفكر، ونشط العلماء فى البحث والتأليف وكثرت المناظرات بين أقطاب المذاهب فى ذلك العصر بالرى، ولا زال تُراثهم يشهد بذلك.وقد كان للدويلات المحلّية المتعاقبة على حكم الريّ الأثر المباشر والإسهام الفعّال فى دفع الحركة الفكرية والعلميّة خطوات واسعة إلى الأمام، وذلك بعدم تدخّلها فيما يجرى من مناظرات وجدل بين علماء الرى؛ ۲ لانشغالهم.بسياسة الحكم وتثبيت أقدامهم وإدارة شؤون البلاد أكثر من أيّ أمر آخر، ممّا يقتضي ذلك مراعاة العلماء والإحسان إليهم بصفتهم الصفوة فى تلك البلاد، فإذا لانت

1.صلة تاريخ الطبرى، ص ۹۵ ـ ۹۶؛ وتاريخ الدول الإسلامية ومعجم الاسر الحاكمة أحمد السعيد سليمان، ج ۱، ص ۲۶۷.

2.ومن امثلتها، مناظرة الصدوق الأول (ت / ۳۲۹ق) مع محمد بن مقاتل الرازى فى الامامة فى الرى كما فى رياض العلماء، ج ۴، ص ۶.

صفحه از 140