مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 75

أدنى إشارة تمسّ بوثاقته، وهذا لم يكن مقصورا على ما فى كتب الرجال الشيعيّة فحسب، بل جميع من ترجم له من المسلمين قد اثنى عليه وأطراه كما سنشير إليه فى محلّه، ممّا يدلّ بوضوح على أنّ لهذا المحدّث الشهير منزلةً بين العلماء لا يمسّها أحد بسوء إلّا كُذِّبَ وافتضحَ أمره كما نجده عند متأخّرى نابتة عصرنا من الحشوية الوهابيين الذين تميّزوا عن المسلمين بشذوذهم فى الاقتداء بمن اتّفق المسلمون على ضلالته وتيهه وهو ابن تيمية الذى كفّره أقرب الناس إليه وهم تلامذته. ولا عجب فى ذلك بعد أن عرف الكلُّ تكفيرهم لجميع أهل التوحيد!!

ولادته:

لم يؤرّخ أحد من علماء الرجال ولادة الكلينيّ، ولكن يمكن تقدير مدّة عمره بناءً على معرفتنا بتاريخ وفاته رحمه الله فى سنة 329ق كما سيأتى، بعد تلمّس القرائن التى تفيد فى تقدير تاريخ ولادته، ومن هذه القرائن: 1. إنّه وصف بأنّه من المجدّدين لمذهب الشيعة الإمامية على رأس المائة الثالثة (300ق)، والمجدّد لا يكون مجدّدا دون سنّ الأربعين عادةً، وهذه القرينة تقتضى بأنّ ولادته فى حدود سنة (260ق).
2. إنّه رحمه الله حدّث فى الكافى عن محمّد بن الحسن الصفار وهو من مشايخه، وقد مات الصفّار سنة (290ق).وإذا علمنا أنّ الغرض من تأليف الكافى يختلف عن أغراض أغلب المؤلّفين، إذ أراده الكلينى أن يكون مرجعا للشيعة فى معرفة الحلال والحرام بناءً على طلب قُدِّم له فى هذا الخصوص كما هو معلوم من ديباجة الكافى.والعادةُ والعرف شاهدان على أنّ مثل هذا الطلب لا يوجّه إلّا للأمثل فالأمثل، وهو من صَلُبَ عودُه فى العلم واكتملت معرفته، وعرفت كفاء ته وشخّصت منزلته، وأكْسبته الأيّام خبرةً واسعة فى معرفة الحديث الشريف.وعليه، فإنْ قلنا بأنّ سنة (290ق) هى بداية الشروع فى تأليف الكافى بناءً على وفاة شيخه الصفّار فى تلك السنة، فلا أقل من أن يكون عمره وقت التأليف ثلاثين عاما،

صفحه از 140