مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 81

هذا، وقبل بيان رحلة الكلينى إلى مراكز العلم الاُخرى منطلقا إليها من بغداد ثم العودة إليها، لا بدّ من الوقوف على أمر فى غاية الأهمية طالما انطلى على البعض بسبب الدراسات العقيمة حول الكافى وخلاصته، هو أنّ اختيار الكلينى لبغداد بعد الريّ دون قُم إنّما كان لاختلاف المنهج بين هذين المركزين العلميّين، لإعطاء بغداد فسحة للعقل دون قم التى التزمت المنهج الروائى، وأخرجت من أرضها بعض من تأثر بالمنهج العقلى كسهل بن زياد الذى لم يرو عنه شيخ مدرسة قم وهو الصدوق، بينما روى عنه الكلينى أكثر من ألف مورد فى الكافى. وهذا الزعم باطل من عدّة وجوه وهى:
الأوّل: إنّه لو اُجرى مَسْحٌ شامل لأحاديث الكافى، وتمّ إرجاعها إلى مشايخ الكلينى المباشرين لوجدت أكثر من ثلثى الكافى يرجع إلى مشايخه القميّين دون غيرهم، كعليّ بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن يحيى، وأحمد بن إدريس ونظرائهم. فمشايخ قُم يحتلون إذن مركز الصدارة فى أحاديث الكافى.الثانى: إنّ الصدوق نفسه احتج بمرويّات سهل بن زياد، وأسانيده طافحة بذكره، بل حتى فى كتابه الفقيه، رجّح روايةً لسهل بن زياد على اُخرى واعتبر ما رواه سهل بن زياد هو الصحيح صراحةً ۱ هذا فضلاً عن مرويات سهل الاخرى فى الفقيه ۲ الذى جعله الصدوق حُجّة بينه وبين اللّه عزّوجلّ. وقد جمعتُ مرويّات سهل فى كتب الصدوق، فخرجتُ بثمرتين، إحداهما: أنّ حصّة القميين الذين روى عنهم الصدوق عن سهل، من مرويّات سهل، أكثر من غيرهم. والاُخرى: أنّ ما أخرجه الصدوق عن سهل ليس قليلاً، بل يبلغ كرّاسا.

1.الفقيه، ج ۲، ص ۴۲۵، ح ۱۵۷۶، باب ۲۱۶؛ وقارن بمعانى الأخبار، ص ۲۶۸، ذيل الحديث ۱ ستجد انّ ما رجحه الصدوق فى الفقيه من الروايات واعتبره هو الصحيح دون غيره فى المورد المذكور، قد أخرجه عن سهل بن زياد فى معانى الأخبار.

2.نفسه انظر: الفقيه، ج ۲، ص ۱۴۵، ح ۵۱۳، ب۵۹؛ وج ۴، ص ۱۷۳، ح ۴۹۸، ب۹۱، وص ۱۷۸، ح ۵۱۵، ب۹۶، و ص ۱۹۹، ح ۵۶۵، ب۱۱۰، وص ۱۸۹، ح ۵۳۶، ب۱۰۳، وص ۴۲۱، من المشيخة، فى طريقه إلى مارواه عن مروان بن مسلم.

صفحه از 140