مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 82

الثالث: المعروف عن الكلينى أنّه إنّما يحدّث عن سهل بتوسّط (العدّة) غالبا، وبدونها أحيانا، وإذا عُدنا إلى رجال عدّة الكافى عن سهل لا نجد فيهم بغداديا واحدا، بل كلّهم من بلاد الريّ. وأمّا ما رواه عنه من غير توسّط العدّة فجميعُه عن القميين كأحمد بن محمّد بن خالد القمّى، ومحمّد بن يحيى القمّى، ومحمّد بن الحسن الصفّار القمّى، ومحمّد بن الحسين القمّى، ومحمّد بن أحمد بن يحيى القمّى، مع بعض الرازيّين كأبى الحسين الأسدى ساكن الريّ، وعليّ بن محمّد الرازيّ، وليس فيهم أحد من بغداد فيما تتبّعناه.ومنه يعلم أنّ مرويّات سهل فى الكافى إنّما طريق الكلينى إليها يمرّ بمدرستى قم والريّ، ولا دخل لبغداد ومشايخها فى ذلك ولو بحديث واحد.
الرابع: روايات الكافى وإنْ تناولت الكثير من المباحث العقليّة لا سيما فى الاُصول منه إلّا أنّها مسندة إلى أهل البيت عليهم السلام ، واختيارها لا يكوّن علّامةً فارقةً فى التأثّر بالمنهج العقلى؛ لكونها مأثورة عن أهل البيت عليهم السلام أوّلاً، وليس فيها آراء خاصّة للكلينى بحيث تكوّن خطا واضحا لذلك التأثّر المزعوم ثانيا، ولتأثّر مدرسة قُمّ وقادتها بتلك الروايات أكثر من الكافى مرّاتٍ ومرّاتٍ ثالثا، فالصدوق الذى عُدَّ مُمَثّلاً لمدرسة قُم كانت له آراء عقلية كثيرة جدّا فى كتبه لا سيما فى أوائل إكمال الدين، ثمَّ إنّه أفرد كتابا بعنوان التوحيد يتّفق فى موضوعه مع اُصول الكافى، وله علل الشرائع وهو أوضح فى الدلالة على المقصود، وأوضح منه ما ورد فى اعتقادات الصدوق.الخامس: إنّ ما فى ديباجة الكافى يشهد على بُطلان الزعم المذكور، إذ بيّن فيها الكُلينيّ أنّه سيتبع المنهج الروائى فى تحصيل الأحاديث الشريفة، وهذا واضح لمن راجع خطبة الكافى، بل وفيها التصريح بعجز العقل عن إدراك جميع الأحكام، وأنّ المدرك منها ما هو إلّا أقلها.السادس: إنّ سهل بن زياد نفسه، كان من مشهورى الرواة، ومنهجه روائى بحت كما تشهد عليه كتب الحديث، وليست له آراء عقلية فى مرويّاته، حتى يُدّعى تأثّره بالمنهج العقلى، كما أنّ انتقاءه لمرويّاته وإنْ عبّر عن منهجه، إلّا أنّ مرويّاته فى الكافى لم تنحصر

صفحه از 140