مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 83

باُصوله التى ردّت على الأفكار والاتّجاهات السائدة فى ذلك العصر، وإنّما كان جلّهافى الأحكام الشرعية الفرعيّة التى لا تختلف بكثير أو قليل بين روّاد مدرستى قُم وبغداد؛ لأنّها من الاُمور التوقيفيّة التى لا دخل للآراء العقلية فى صياغتها، على أنّ الطريق إلى مرويّات سهل فى الكافى لم يكن إلّا عبر مشايخ القميين والرازيين كما تقدّم. كما ان الشيخ الطوسى لم يرو كتابه الا عن مشايخ قم وحدهم، بل لم يقع فى طريقه إليه غيرهم ۱ وأمّا كتابه النوادر، فقد عُرِف من طريق ابن قولويه القمِّى. ۲ وأمّا عن شُبْهة الغُلُوّ وعلاقة ذلك بالجوانب العقلية، فإنّها لم تثبت بحقّه، وأحاديثه خير شاهدٍ على براء ته منها، إذ ليس فيها ما يُشمُّ منه رائحة الغُلوّ. هذا فضلاً عن توسّع القميين فى معنى الغلوّ، وتسرّعهم فى تطبيقه على مصاديق ليست فى شى ء منه.وعودا على بدءٍ نقول:
زار الكُلينى المراكز العلمية فى العراق بعد أن اتّخذ بغداد قاعدة لانطلاقه منها إلى المراكز العلمية الاُخرى سواء كانت فى العراق أو الشام أو غيرها.فقد حدّث عن مشايخ الكوفة، كابن عقدة، وابن معمر، والرزّاز، وحُميد بن زياد الكوفى نزيل سوراء، ثمّ انتقل إلى نينوى (قرية قرب الحائر الحُسينى) وبقى فيها إلى أن مات سنة 310ق بلا خلاف من أحد، ولم تعرف له رحلة إلى الرى وقُم حتى يحتمل لقاء الكُلينى معه خارج الكوفة بل سوراء. وهذا دليل واضح على أنّ مُغادرة الكلينى الريّ ليست كما يتصوّره البعض فيزعم أنّه دخلَ بغداد فى السنوات الأخيرة من عمره وبالضبط فى سنة 327ق اعتمادا منه على إجازة الكلينى رواية مصنّفاته لتلميذ أبى الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزاز ببغداد فى تلك السنة على ما جاء فى مشيخة التهذيب. ۳ وفهرست الشيخ. ۴ وأى علاقة بين تاريخ منح الإجازة العلميّة فى بلدٍ كبغداد لشخص فى رواية مسموعاته، وبين معرفة زمان دخول المانح إلى بغداد نفسها؟
وكيف نفسّر لقاءَه مع مشايخ الكُوفة، وسوراء، الذين حدّث عنهم وفيهم مَنْ مات

1.فهرست الشيخ الطوسى، ص ۸۰، ص ۳۲۹.

2.رجال النجاشى، ص ۱۸۵، ش ۴۹۰.

3.تهذيب الأحكام، ج ۱۰، ص ۲۹ من المشيخة.

4.فهرست الشيخ الطوسى، ص ۱۳۵، ش ۵۹۱.

صفحه از 140