مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 84

سنة (310ق) مع القول بعدم دخوله العراق إلّا فى أواخر حياته؟ بل كيف يجتمع سفره إلى مكّة المكرّمة، والشام دون المرور بالعراق إن لم تكن بغداد منطلقه إليها بسنة واحدة هى سنة (327ق)، هذا مع انعدام واسطة السفر السريع فى عصره، وكون تقلبه فى تلك الأمصار لغاية علمية، ممّا يتطلّب المكوث فى كل مركز زمنا؟فقد ذكر ابن عساكر الدمشقى (ت/ 571ق) فى تاريخ دمشق، أنّ الكلينى قدم إلى دمشق، وحدّث ببعلبك. ۱
كما ذكر الكلينى نفسه ما يدلّ بوضوح على وصوله إلى الحجاز فقد قال فى باب مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ما نصّه: «وُلِدَ النبى صلى الله عليه و آله لاثنتى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل فى عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال إلى أن قال: وحملتْ به اُمّه فى أيام التشريق عند الجمرة الوسطى وكانت فى منزل عبد اللّه بن عبد المطّلب، وولدته فى شِعْب أبى طالب فى دار محمّد بن يوسف، فى الزاوية القُصوى عن يَسارِك وأنت داخل الدار». ۲ ومن البعيد أن يكون هذا الوصف من غير مُشاهدة، بل هو ظاهر فيها. على أنّ قوافل الحاجّ إلى مكّة المكرمة من إيران كانت تمرّ فى ذلك الوقت إمّا على طريق البصرة، أو على طريق الكوفة، كما أنّ الرحلة من إيران إلى دمشق لا تتمّ بدون المرور بالعراق فى ذلك العصر، ومنه يعلم أنّ دخول الكلينى العراق لو كان فى سنة 327ق لكان هذا يعنى انّه طوى كلّ تلك المسافات الطويلة بسنة واحدة، لوفاته رحمه الله سنة 328ق على قولٍ سيأتى، وهو كما ترى!وعلى أيّة حال، فإنّ لوصول الكلينى إلى بغداد الأثر الفعّال فى نشر حديث أهل البيت عليهم السلام على أوسع نطاق فى مركز الحكومة العباسيّة مما لم يُعْهَد ذلك بتلك الدرجة عند أساطين الحديث قبله.

شيوخه:

تتلمذ الكلينى على مشايخ كثيرين بحكم طول تجواله، وسعة رحلاته، وتعدّد أسفاره، وأغلب الذين عرفوا منهم، هم من كانت لهم روايات فى الكافى، ولو وصلتنا

1.تاريخ دمشق، ج ۱۶، ص ۱۳۷.

2.اُصول الكافى، ج ۱، ص ۵۰۶، باب ۱۱۱.

صفحه از 140