مع الكلينى وكتابه "الكافى" - صفحه 99

النمط من حملة الآثار، أنّك لا تجد بينهم للاُمويين وأذنابهم وأنصارهم وزنا ولا اعتبارا، ولا للخوارج والنواصب ورواتهم ذِكرا، ولا لمن لم يحفظ النبى الأكرم صلى الله عليه و آله فى أهل بيته عليهم السلام ۱ عينا ولا أثرا. ۲ كما لا تجد فى أخبار الكافى لمن نافق ممّن تسمّى بالصحابة ولصق بهم ۳ خبرا، وأمّا عن أخبار المؤمنين منهم، فهى إمّا أن تمر طرقها عبر من تجنّب الكلينى رواياتهم فلا يروى عنهم ولا كرامة. وإمّا أنْ تمرّ عبر غيرهم، ممّن لا طريق لنا فى معرفة درجة وثاقتهم، إذ لم يسلم علماء جرحهم وتعديلهم من الجرح فى أنفسهم، ومن يكن هكذا حاله، فلا عبرة فى أقواله.ولو تنزلنا عن ذلك وقلنا باعتبارها لوثاقة ناقليها عندهم، فالكلينى رحمه الله فى غنًى عن تكلّف إسنادها، إذ لا يحتاج فى وصلها على طبق منهجه على فرض صحّتها أكثر من أن يسندها إلى من حدّث بها من أهل البيت عليهم السلام ؛ لثبوت حجية سنّتهم، مع كونهم منأحرص الناس فى الحفاظ على السنة النبوية وتدوينها والأمر بكتابتها وحفظها كما مرّ، ومن البداهة بمكان أنّه لا يعدل بأهل البيت عليهم السلام أحد من الصحابة وإن جلّ، ولا يوجد فيهم من هو أعلم بما فى البيت النبوى الطاهر من أهله المطهرين.إذن، نقل السنة الشريفة على وفق هذا المنهج، هو من أسدّ النقل وأكثره احتياطا فى الدين، والتزاما بحديث الثقلين: كتاب اللّه ، والعترة.
وهذا المنهج وإن كان هو المنهج العام عند محدّثى العترة، إلّا أنَّ شدة التزام الكلينى به مع ميزات كتابه الاُخرى هى التى حملت الشيخ المفيد قدّس سرّه على القول: بأنّ الكافى من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة، ۴ كما حملت غيره على الاعجاب بكتاب

1.ورد فى الحديث الشريف: «من حفظنى فى أهل بيتى فقد اتّخذ عند اللّه عهدا» الصواعق المحرقة، ص ۱۵۰.

2.يدخل فى هذا الصنف جميع رواة العامّة الذين عاصروا أهل البيت عليهم السلام ، وتعمدوا ترك الرواية عنهم عليهم السلام .

3.كان ابن عباس رضى اللّه عنه يسمّى سورة التوبة بالفاضحة؛ لأنّها فضحت المنافقين من الصحابة ولم تدع أحدا منهم إلّا أتت عليه، وسمّاها قتادة بن دعامة التابعى بالمثيرة؛ لأنّها أثارت مخازيهم، وسمّاها آخر بالمبعثرة؛ لأنّها بعثرت أسرارهم. راجع: معالم التنزيل للبغوى، ج ۳، ص ۳؛ وتفسير التبيان، ج ۵، ص ۱۶۷؛ ومجمع البيان، ج ۳، ص ۷۸، وعلى الرغم من هذه الحقائق القرآنية تجد من يقول إلى اليوم باُسطورة عدالتهم جميعا!!

4.تصحيح الاعتقاد، ص ۲۰۲ (ملحق بكتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد).

صفحه از 140