119
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۲.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي البَخْتريّ، عن أبيعبداللّه عليه السلام ، قال:«إنّ العلماءَ ورثة الأنبياء، وذاك أنَ الأنبياءَ لم يُورِثوا درهما ولا دينارا ، وإنَّما أورَثوا أحاديثَ من أحاديثهم ، فمَن أخَذَ بشيء منها فقد أخَذَ حظّا وافرا ، .........

وما ذكرناه أقرب ۱ .
وقوله عليه السلام : (وما خلاهنّ فهو فضل) أي زيادة لا يرتّب نفع يفيد به على حصوله، ولا ضرر على فقده وإن كان في نفسه نوع فضل، وما هذا شأنه لا ينبغي أن يشتغل به عن سائر العلوم الضروريّة المحتاج إليها.
قوله عليه السلام : (إنّ العلماء ورثة الأنبياء)
المراد بالعلماء الذين اقتبسوا أنوار العلوم من مشكاة النبوّة؛ يعنى لا ورثة للأنبياء من حيث النبوّة إلّا العلماء بقرينة قوله: (وذاك أنّ الأنبياء لم يُورِثوا) بتخفيف الراء المهملة من الإيراث إلى قوله: (فمن أخذ) وحاصله أنّه ليس ميراث النبوّة المال نحو الدرهم والدينار، بل العمدةُ في ميراث الأنبياء ـ وهو ميراثهم من حيث النبوّة ـ العلم، وذلك لا ينافي إيراثهم المال؛ لأنّه ليس العمدةَ، ولا من حيث النبوّة.
وقوله عليه السلام : (من أحاديثهم) أي من علومهم التي حدّثوا بها، أو من أحاديثهم التي أوحى اللّه تعالى إليهم. وأتى بـ «من» التبعيضيّة؛ لأنّ من أحاديثهم أحاديثَ لم يورثوها إمّا لاختصاصها بهم أو نسخها، فمن أخذ بشيء من الأحاديث الموروثة متمسّكا به (فقد أخذ حظّا وافرا)؛ لأنّه يوجب السعادة الأبديّة، فهو خليق بأن يسمّى وارثا لا من أخذ مالهم فقط.
ولمّا بيّن عليه السلام شرافة المأخوذ وفضيلته ـ حيث إنّه آثره خير الناس من مواريثه التي تركها لخواصّ اُمّته، ولا نجاة لعمومهم إلّا به، ولا غنى لهم عنه، وما كان هذا شأنه فينبغي أن يهتمّ به

1.قارن الحاشية على اُصول الكافي للنائيني، ص ۹۶ . واُنظر : بحار الأنوار، ج ۱، ص ۲۱۱ . وذكره بعنوان «قيل» المجلسي في مرآة العقول، ج ۱، ص ۱۰۳؛ و ابن الأثير في النهاية، ج ۳، ص ۴۳۳ ؛ وابن منظور في لسان العرب، ج ۷، ص ۲۰۳ (فرض).


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
118

۰.فقيل : علّامةٌ ، فقال : وما العلّامةُ؟ فقالوا له : أعلَمُ الناس بأنساب العرب ووقائعها ، وأيّام الجاهليّة ، والأشعار العربيَّة ، قال : فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله : ذاك علْمٌ لا يَضرُّ مَن جَهِلَه ، ولا يَنفَعُ من عَلِمَه ؛ ثمَّ قال النبيُّ صلى الله عليه و آله : إنّما العلمُ ثلاثةٌ : آيةٌ محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنَّة قائمة ، وما خلاهنّ فهو فَضْلٌ» .

وقوله صلى الله عليه و آله : (وما العلّامة) أي بأيّ شيء تسمّونه علّامة.
وقوله عليه السلام : (إنّما العلم) أي العلم النافع (ثلاثةٌ: آيةٌ محكمة) قيل ۱ : أي آية من القرآن محكمة غير متشابهة ولا منسوخة.
وأقول: أي علامة مفيدة، والمقصود البرهان القطعي على شيء من الأشياء، ولا سيّما في المعارف الإلهيّة، فهذا ناظر إلى الحكمة النظريّة.
وقوله عليه السلام : (أو فريضةٌ) إلخ، ناظر إلى الحكمة العمليّة من الشرائع النبويّة والنواميس الإلهيّة. ولمّا كان الأخير منقسما على قسمين: أحدهما ما هو ضروري في صلاح الإنسان كالإتيان بالواجبات وترك المحرّمات، وثانيهما ۲
ما هو أليق وأصلح بحاله كالإتيان بالمستحبّات وترك المكروهات، فقوله عليه السلام : (أو فريضة عادلة) ـ أي فريضة حقّة باقية غير منسوخة ـ إشارة إلى الثاني.
ويحتمل أن يكون المراد بالفريضة العادلة الأحكام الخمسة الباقية المستفادة من الكتاب، والسنّة العادلة الأحكام الخمسة الغير المنسوخة المستفادة من السنّة.
وقيل ۳ : المراد بالفريضة العادلة ما في سهام المواريث، أي الفريضة المعدّلة في القسمة على السهام المذكورة في الكتاب والسنّة من غير جور.
وقيل: ما اتّفق عليه المسلمون.

1.القائل به الميرزا رفيعا النائيني في الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۶.

2.في النسخة: «ثانيها».

3.ذكره ابن الأثير في النهاية، ج ۳، ص ۴۳۳ ؛ وابن منظور في لسان العرب، ج ۷، ص ۲۰۲ (فرض) . وذهب إليه السيّد بدر الدين العاملي في الحاشية على اُصول الكافي، ص ۵۴ ـ ۵۵. وذكره بعنوان «قيل» الميرزا رفيعا النائيني في الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۶.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145701
صفحه از 739
پرینت  ارسال به