145
العنعنة

العنعنة
144

الملاحظة الثانية :

قال الدكتور عتر : قد يُستشكل بما وقع في الحديث على شرط الاتّصال ثمّ تبيّن أنّه ليس بمتّصل ، كحديث مالك عن نافع عن ابن عمر : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمأدرك عمر بن الخطّاب وهو يسير في ركبٍ ، يحلف بأبيه ، فقال : « ألا إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كانَ حالفا فليحلف باللّه ، أو ليصمت » .
وفي رواية أُخرى عن سالم ، قال : قال ابن عمر : سمعتُ عمر يقول : قال لي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : « إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم . . . » ۱ .
قال عتر : ظاهر الرواية الأُولى يوجب أن يكون من مسند ابن عمر ، فهذا الحديث مشترك متردّد لتعلّقه بالنبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وبعمر ، فقد أدركهما ابن عمر وصحبهما ، فصلحت « أنّ » للرواية عنهما . ولو كان الإدراك قاصرا على أحدهما لتعيّن الاتّصال عن طريقه ، وهذا ملحظ دقيق جدّا ينبغي التنبّه له ، والحذر من الغلط بسببه ۲ .
أقول :
ومثله يجري في العنعنة لو عُلِمَ توسّطُ راوٍ بين الشيخ والراوي المتحمّل عنه ، كما في المثال التالي : « روى أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن المغيرة » في الموارد التالية من التهذيب :
1 ـ كتاب الديات ، باب القود بين الرجال والنساء .
2 ـ كتاب النكاح ، باب المهور والأُجور .
3 ـ كتاب الصلاة ، باب أحكام الجماعة ( ج 3 ص 47 رقم 164 ) .
4 ـ كتاب الصلاة ، باب أوقات الصلاة ( ج 2 ص 36 رقم 114 ) .
5 ـ كتاب الصيد ، باب الصيد والذكاة .
وروى المورد الأوّل في الاستبصار ، إلّا أنّ فيه : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة ۳ .
وقد روى أحمد ، عن ابن المغيرة ، بواسطة الرجال الآتية أسماؤهم :
بواسطة الحسن بن عليّ ، في التهذيب ، كتاب الطهارة ، باب صفة الوضوء ، الزيادات .
وبواسطة ابن أبي عمير ، في التهذيب ، كتاب المكاسب ، باب المكاسب ، وكتاب الطلاق ، باب حكم الظهار . وفي الكافي ،كتاب المعيشة ، باب الحثّ على الطلب .
وبواسطة محمّد بن الحسن بن علّان ، في التهذيب ، كتاب الحجّ ، باب الزيادات .
وبواسطة البرقي ، وأبيه ، في التهذيب ، كتاب الطلاق ، باب أحكام الطلاق ، وكذا في مواضع عديدة أُخرى ۴ .
وبواسطة محمّد بن يحيى ، في التهذيب ، كتاب الجهاد ، باب مَنْ يجب معه الجهاد ، كيفية جهاد المشركين ۵ .
فهو يروي عن ابن المغيرة مباشرة ، ومع الواسطة .
لكنّ الكشّي صرّح بقوله : قال نصر بن الصباح : وما روى أحمد قطُّ عن عبد اللّه بن المغيرة ، ولا عن الحسن بن خرّذاد ۶ .
وقال النجاشي في ترجمته : قال ابن نوح : وما روى أحمد عن ابن المغيرة ، ولا عن الحسن بن خرّذاد ۷ .
ومع تصريح أعلام الفنّ بعدم روايته المباشرة عن ابن المغيرة ، وقرينيّة قلّة رواياته عنه بلا واسطة ، فالأمر في « إعلال » أسانيد تلك الروايات واضح ، فلا وجه لمحاولة التستري مِن جعل ذلك دليلاً على الفرق بين قولهم : « فلانٌ عن فلان » ، وقولهم : « روى فلان عن فلان » ، وأنّ الأوّل يستلزم الرواية بلا واسطة ، والثاني : فأعمّ ۸ ، فإنّ ظاهر العبارتين هو الرواية بلا واسطة ، والثاني أصرح في ذلك من الأوّل ؛ لوجود الفعل « روى » ، وإنّما عرف عدم الاتّصال في روايات أحمد عن ابن المغيرة ، في تلك الموارد القليلة ، من أمر خارج ، وهو تصريحهم بذلك من جهة ، ووجود الواسطة في أكثر الطرق من جهة أُخرى ، لا من مجرّد عبارة « العنعنة » سواء مع الفعل « روى » أم بدونه .
والحاصل : إنّ ظهور كلمة « عن » في الاتّصال ممّا لا ينبغي الشكّ فيه ، وإنّما تصرف إلى غيره عند وجود ما يدلّ على عدم الاتّصال ، فيكون مجازا .
قال العلائي : إذا ساغ استعمال « عن » في الاتّصال وحملها عليه وهو الّذي نقله جماعة من الأئمّة عن كافّة العلماء ، كانت حقيقتها الاتّصال ، وإذا وردت في المرسَل وفي الانقطاع كانت مجازا ۹ .
وتخرج الموارد القليلة من التعليل بالالتزام بأنّ كلمة « بن » في الموارد الأُولى « أحمد بن محمّد بن عيسى » هي مصحّفة كلمة « عن » ، فالصواب : « أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن المغيرة » .

1.منهج النقد : ص ۳۵۳ عن صحيح البخاري : ج ۸ ص ۱۳۲ واللفظ له ؛ وصحيح مسلم : ص ۸۰۰۵ .

2.منهج النقد : ص ۳۵۲ ـ ۳۵۳ .

3.الموسوعة الرجالية للسيّد البروجردي : ج ۲ ص ۵۹ .

4.المصدر السابق : ج ۲ ص ۶۸ .

5.المصدر السابق : ج ۲ ص ۷۲ .

6.اختيار معرفة الناقلين : ص ۵۱۲ رقم ۹۸۹ .

7.رجال النجاشي : ص ۸۲ رقم ۱۹۸ .

8.قاموس الرجال : ج ۱ ص ۱۴ الفصل ۵ .

9.جامع التحصيل : ص ۱۱۷ ـ ۱۱۸ .

  • نام منبع :
    العنعنة
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 93522
الصفحه من 173
طباعه  ارسل الي