339
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

شبهة فصل كتاب الروضة عن الكافي:

إنّ أوّل من أثار هذه الشبهة هو الخليل بن غازي القزويني (ت / 1089 ه )، فيما حكاه الشيخ عبداللّه الأفندي في رياض العلماء ؛ إذ قال في ترجمته: «.. وكان له رحمه اللّه أقوال في المسائل الاُصولية والفروعية انفرد في القول بها، وأكثرها لا يخلو من عجب وغرابة ـ إلى أن قال : ـ ومن أغرب أقواله: بأنّ الكافي بأجمعه قد شاهده الصاحب عليه السلام ... وإنّ الروضة ليس من تأليف الكليني رحمه الله، بل هو من تأليف ابن إدريس، وإن ساعده في الأخير بعض الأصحاب، وربّما ينسب هذا القول الأخير إلى الشهيد الثاني أيضا، ولكن لم يثبت» ۱ .
وقال السيّد الخوانساري في ترجمته أيضا: «وكان ينسب تأليف روضة الكافي إلى صاحب السرائر ـ يعني ابن إدريس ـ كما ينسب ذلك أيضا إلى الشهيد الثاني» ۲ .

جواب هذه الشبهة:

أوّلاً ـ ما في كتاب الروضة يشهد على أنّه للكليني:

المعروف عن كلّ كتاب أنّه مرآة عاكسة لشخصية مؤلّفه في اُسلوبه، ولغته، وطريقته في الكلام، ومعالجة ما يريد بحثه، أمّا إذا كان الكتاب من كتب رواية الحديث ـ ككتاب الروضة ـ ففيه زيادة على ما مرّ بيان سند الحديث وتحديد رجاله بشكل تتّضح معه أسماء مشايخ المؤلّف لكي لا يتّهم في الرواية بأخذها على علّاتها من غير سماع ولا تحديث، فيُرمى حينئذٍ بالتدليس.
وممّا يلحظ على كتاب الروضة جملة اُمور منها:
1 ـ اُسلوب عرض المرويّات فيه هو الاُسلوب بذاته في اُصول وفروع الكافي، إذ يبدأ أوّلاً بذكر سلسلة السند كاملة إلّا ما ندر ـ وهذه ميزة امتاز بها الكافي على غيره من كتب الحديث ـ ومن ثمّ اتّباع اُسلوب البحث عن طرق اُخرى مكمّلة للرواية وترتيب هذه الطرق بحسب جودتها، وهذا هو ما عُمل في اُصول وفروع الكافي ، وأمّا كثرته هناك وقلّته هنا فهي لانعدام التبويب في الروضة وما فرضه محتوى الكتاب من عدم تنسيق الأحاديث فيه وتصنيفها إلى كتب وأبواب.
2 ـ لغة الروضة من حيث العنعنة السائدة، والإصطلاح المتداول في نظام الإحالة على إسناد سابق، واختصار الأسانيد، والمتابعات والشواهد هي بعينها في اُصول الكافي وفروعه.
3 ـ رجال أوّل السند من مشايخ ثقة الإسلام الكليني إلّا القليل النادر منهم حيث أخذ مرويّاتهم من كتبهم المتداولة في عصره والمعروفة الانتساب إلى أصحابها الثقات، وما قبلها من إسنادٍ فهو لها أيضا، وهو ما يعرف بالإسناد المعلّق، ولا منافاة بينه وبين الأخذ من الكتاب مباشرة، كما فعل ذلك أيضا في الاُصول والفروع.
4 ـ طرق روايات الاُصول والفروع (سلسلة السند) إلى أصحاب الأئمّة عليهم السلام هي طرق روايات الروضة أيضا.
5 ـ ممّا امتاز به الكليني على سائر المحدّثين هي العِدَّة التي يروي بتوسّطها عن ثلاثة من المشايخ المعروفين وهم: أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، وسهل بن زياد، وليس لهذه العِدد من أثر في كتب الحديث الاُخرى ، وإن وُجدت فهي مأخوذة من الكافي. وروايات العِدّة توزّعت على الاُصول والفروع والروضة.
6 ـ هناك جملة وافرة من مرويّات الروضة مرتبطة بعناوين بعض كتبه المفقودة، كروايات تعبير الرؤيا المرتبطة بكتاب تعبير الرؤيا المفقود، وروايات رسائل الأئمّة عليهم السلام المرتبطة بكتاب الرسائل المفقود أيضا. وهذا ما يقرب من احتمال نقلها من كتبه المذكورة إلى كتاب الروضة، لاسيّما وأنّ الكافي آخر مؤلّفات الكليني ۳ .

1.. رياض العلماء : ج ۲ ص ۲۶۱ .

2.. روضات الجنّات : ج ۳ ص ۲۷۲ .

3.. ودليل كون كتاب الكافي الشريف آخر مؤلّفات ثقة الإسلام رحمه الله هو ما ذكره الكليني نفسه في ديباجة ر الكافي بشأن كتاب الحجّة؛ إذ وعد أن يُفرد لموضوع (الحجّة) ـ فيما لو أسعفه الأجل ـ كتابا أوسع ممّا هو عليه في الكافي. ولكنّ يد المنون عاجلته قبل الشروع بما وعد به رحمه الله؛ إذ لا يُعرف له كتاب بعنوان (الحجّة) غير ما في كتاب الكافي ، وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم أيضاً .


حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
338

جدول في بيان عدد کتب الکافي و أبوابه و أحاديثه

  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 308802
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي