101
الحاشية علي اصول الكافي (المولي محمّد امين الاسترابادي)

[كتاب التوحيد]

[باب حدوث العالم وإثبات المحدث]

قوله : (كتاب التوحيد باب حدوث العالم وإثبات المحدِث).
لمّا بيّن طريق تحصيل علم الدين بأنّه يؤخذ من أصحاب العصمة ، أو من الكتب الّتي جوّزوا لنا الأخذ منها تارة بالتقرير على ذلك بل بالتصريح بذلك ؛ شرع في أوّل الواجبات في الدين وهو الاعتراف بالوحدانيّة ، ولمّا كان التوحيد مركّبا من نفي وإثبات ابتدأ بالإثبات واختار إثبات المحدِث ـ أي خالق الحوادث ـ على إثبات الواجب ، ليكون قريبا إلى فهم أصناف المكلّفين . واقتدى بعبارة الأحاديث ، واختار الحدوث على الإمكان والمحدث على الخالق ؛ لأنّ احتياج الحادث إلى الفاعل المحدِث أظهرُ من احتياج الممكن إلى الواجب ؛ وللتصريح بأنّ الإمكان يأبى عن القِدَم ، كالوجوب عن العدم . «ا م ن».
فإن قلت : لم يذكر في هذا الباب دليلاً على حدوث العالم كلّها .
قلت : نقل حديثا صريحا في انحصار القديم فيه تعالى . أو يقال : قصده حدوث العالم المشاهد ، وقد ذكر أنّها متغيّرة من حال إلى حال ، وأنّها مسخّرة مدبّرة . «بخطه».
قوله : (كان بمصر زنديق) [ ح 1/215 ] المراد من الزنديق من لم يقل بعبادة أحدٍ أصلاً ، فعبدة الأوثان وأشباههم واليهود والنصارى والمجوس وكلّ من يعبد شيئا ليسوا بزنادقة . «ا م ن».
قوله : (قل ما شئت تخصم) [ ح 1/215 ] أي تخصم نفسك كما سيجيء في حديث العالم الشامي في باب الاضطرار إلى الحجّة . «ا م ن».
قوله : (أما ترى الشمس والقمر) إلخ [ ح 1/215 ]أقول : معناه أنّ للشمس والقمر تغيّرا من مكان إلى مكان ، تغيّرا منتظما على نسق واحد ، مشتملاً على منافع ومصالح راجعة إلى المواليد الثلاثة فعلم أنّهما من الممكنات ؛ إذ الواجب لايتغيّر من مكان إلى مكان ، وعلم أنّ لهما خالقا عالما قادرا مستوليا عليهما.
وأمّا قوله عليه السلام : «يلجان» فمعناه أنّ كلّ يوم محفوف بليلين وبالعكس.
وأما قوله عليه السلام : «إنْ كان الدهر يذهب بهم» إلخ ، فمعناه أنّه لو كان حصول قطعة مخصوصة من الدهر سببا لحصول أفراد مخصوصة من المواليد الثلاثة مثلاً ، و كان عدمها سببا لعدم تلك الأفراد ، للزم إذا رجع مثل تلك القطعة أن يرجع معها جميع أمثال ما ذهب معها . «ا م ن» .
القوم بعد ما أثبتوا واجب الوجود ببطلان الدور والتسلسل ، أثبتوا بهذا الدليلِ العلمَ ، والحال أنّه يَثبت به الأمران جميعا . «بخطه» .
قوله : (ويرجعان) [ ح 1/215 ] يعني : الدور يرجع إلى ما كان ، فلو كان طبيعيّا مستندا إلى الدور لِمَ لا يرجع ۱ ، فعُلم أنّه مضطرّ من عند فاعل إراديّ . «بخطه».
قوله : (وكيف احتجب عنك) إلخ [ ح 2/216 ]أقول : أصحاب العصمة عليهم السلام استدلّوا بحدوث الآثار العجيبة المختلفة المحكمة المتقنة ، المشاهدة بالبصر والبصيرة ، كأوضاع السماء والأرض ، وخلق أبداننا بالتدريج ، وخلق ما يطرأ على قلوبنا من الأشياء المتضادّة من غير اختيارنا ، وإجراء اللغات في ألسنتنا ، وحدوث المعجزات على يد الرسل عليهم السلام ، على وجود مؤثّر كامل من جميع الجهات ، عالم قادر متمكّن من خلق جميع الممكنات بعلم ورعاية منافع .
وأقول أوّلاً : إنّ هذه الملازمة من البديهيّات عند كلّ ذي شعور .
وثانيا : إنّ هذا القدر من المعرفة كافٍ.
ثمّ إن أردت معرفة أنّه ليس بممكن العدم فقل : حدوث هذه الآثار تدلّ على وجود مؤثّر جامع للصفتين المذكورتين ، ويلزمهما كونه تعالى غير ممكن العدم.
وأقول ثالثا : جعلوا عليهم السلام حدوث الآثار العجيبة المختلفة المتقنة دليلاً ؛ لأنّ هذه الطريقة أسهل وأخصر من التمسّك بأنّ الممكن يحتاج إلى علّة ؛ ولأنّ كلّ ذي شعور متمكّن من فهم هذه الطريقة دون طريقة الحكماء والمتكلّمين ؛ ولأنّ بهذه ۲ الطريقة يثبت وجود صانع العالم ، ويثبت كونه كاملاً من جميع الجهات ، قادرا من ۳ خلق كلّ ممكن بعلم ورعاية مصلحة .
وأقول رابعا : بهذا التحقيق علمت أنّ ما يزعمه المتكلّمون من أنّ بالمعجزات ۴ لاتثبت رسالة الرسل إلّا عند من اعتقد وجود الواجب تعالى و اعتقد أنّه عالم قادر ، من الخيالات الواهية ، وممّن صرّح بذلك الملا عليّ القوشجيّ الجرجانيّ حيث قال (كذا) ۵ والعلاّمة التفتازانيّ الجرجانيّ حيث قال (كذا) والسيّد الشريف الجرجانيّ حيث قال (كذا) . «بخطه».
قوله عليه السلام : (نشؤك) إلخ [ ح 2/216 ] عَدَّ صفات ليست باختيارنا.
قوله : (بعد عزمك) إلخ [ ح 2/216 ] عرفت بفسخ العزائم وحلّ العُقَد.
قوله : (قال هشام : النظرة) إلخ [ ح 4/219 ] لا يجب علينا دفع شبه الملاحدة ، والكامل بذلك هو الإمام عليه السلام . «عنوان» .
قوله : (قادر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة) إلخ [ ح 4/219 ] قصده عليه السلام أنّ معنى القادر هوالمتمكّن من خلق الممكن ، ومعنى العاجز هو غير المتمكّن من خلق الممكن ، والّذي يمكن هنا الدخول في المشاعر لا الوجود الخارجيّ . وإنّما أجمل عليه السلام في الكلام لأنّهم مكلّفون بأن يكلّموا الناس على قدر عقولهم . «ا م ن».
قوله : (لم يخرج منها خارج) إلخ [ ح 4/219 ]قصده عليه السلام أنّ العالِم بحال داخل البيضة ، وأنّها صالحة للديك أو الدجاجة ، من غير أن يدخل فيها أحد ، القادر على حفظ الماءين في مكانهما وعلى خلق الديك أو الدجاجة منها ، كامل من جهة العلم والقدرة ، ولنا مقدّمة بديهيّة : هي أنّ الّذي وجوده مكتسب من الغير ليس له هذا العلم ولا هذه القدرة . «ا م ن».
خلقُ الفرخ عن البيضة حسبنا في الدلالة على نهاية القدرة والعلم والتنزّه عن كلّ نقيصة . «عنوان».
قوله : (لايخلو قولك إنّهما اثنان) إلخ [ ح 5/220 ]أقول : مقصوده عليه السلام ذكر أدلّة ثلاثة على أنّ خالق الممكنات شخص واحد جلّ جلاله ، والدليلان الأوّلان تقريران لبرهان التمانع المذكور في كتاب اللّه ، وهما مبنيان على أنّ صانع الممكنات منزّه عن النقص ، وهذه مقدّمة بيّنة واضحة . ومقتضى برهان التمانع أنّ الموثّر بالفعل في السماوات والأرض واحدٌ ، ردّا على من زعم تعدّده ، وتقريره مذكور في الكتب الكلاميّة ك شرح المقاصد. ۶
وملخّص الدليل الثالث أنّه يمتنع تعدّد صانعين وتعدّد واجبين ؛ لأنّه يلزم التسلسل ، لأنّه لو وجد واجبان لوجد ذوفرجة، أي مركّب من شخصين منفصلين، فيكون ذوالفرجة واجبا ثالثا ؛ لأنّه وجد من غير تأثير فاعل فيلزم ذوفرجتين آخرين ۷ : أحدهما مركب من الأوّل والثالث ، وثانيهما مركب من الثاني والثالث ، وهكذا فيلزم وجود اُمور قديمة غير متناهية غير ممكنة ؛ لأنها وجدت من غير تأثير فاعل.
فإن قلت : إنّما يكون التركيب بين الأشياء الخارجة بعضها عن بعض ، ولو لا ذلك لزم وجود اُمور غير متناهية في كلّ ما وجد أمران ، فيمتنع التركيب بين الشيء وبين جزئه ، فلا يلزم الواجب الرابع و الواجب الخامس ؛ لأنّهما حصلا من التركيب بين الشيء وجزئه .
قلت : هذه المقدّمة ودليلها صحيحان ؛ لكن يلزم هنا أن يكون الموجود الثالث بسيطا غير مركّب من الجزئين ؛ لأنّه واجب الوجود ، وهكذا في باقي المراتب . و من اطمأنّ قلبه بالبرهان المذكور في كتب القوم الدالّ على أنّ كلّ دور يستلزم تسلسلاً يطمئنّ قلبه بما حرّرناه ، وتلخيصه أنّه لو توقّف «أ» على «ب» و «ب» على «أ» للزم توقّف «أ» على نفسها ولزم وجود ألِف ثانية مغاير ۸
لنفسها للمقدّمة الصادقة في نفس الأمر ، وهي أنّ الموقوف غير الموقوف عليه . وللزم توقّف الألف الثانية أيضا على نفسها ؛ لمقدّمة اُخرى صادقة في نفس الأمر ، وهي أنّ الشي ليس إلّا نفسه فيلزم ألفاتٌ غير متناهية متوقّفة بعضها على بعض ، وكذلك يلزم باءاتٌ غير متناهية.
وأقول : قد ظهر عليك وانكشف لديك من كلامه عليه السلام أدلّة اُخرى على التوحيد.
منها: أنّه لو وجد واجبان للزم اجتماع الوجوب والإمكان في الموجود الثالث.
منها : أنّه لو وجد واجبان للزم وجود ممكن وهو الموجود الثالث بغير تأثير فاعل ، إذ من المعلوم بديهة أنّ وجود المجموع المذكور غير محتاج إلى تأثير.
ومنها : أنّه لو وجد واجبان للزم وجود واجب يمتنع أن يكون صانعا ؛ لأنّ الموجود الثالث بمنزلة الحجر الموضوع بجنب الإنسان ، وبمنزلة مجموع نفس زيد ونفس عمر[ و ] ۹ «ا م ن».
حاصل الدليل الأوّل أنّه لو كان اثنين لدفع الآخر هذا الإله المرسِل للرسل لإقرار الناس بأنّه لا شريك له يمثل فعله ، ولم يدفع . وحاصل الثاني أنّه لو كان اثنين لدفع الآخر آثار هذا الإله ، ولم يفعل . «ا م ن». ۱۰
قوله : (كفى لاُولي الألباب) إلخ [ ح 6/221 ] تنبيه على أنّ مجرّد الآثار المتقنة دليل تامّ على وجود موجود كامل من جميع الجهات من جهة العلم والقدرة ، وعلى أنّه ليس من قبيل الممكنات؛ إذ الّذي وجوده مكتسب من الغير يمتنع أن يكون كاملاً من جميع الجهات، وتنبيه على أنّه لاحاجة إلى الأدلّة المشتملة على الدور والتسلسل وأشباه ذلك . «ا م ن».
يعني : مشاهدة كلّ واحد من هذه الآثار كافية في الدلالة على الربّ وعلى قدرته وعلمه وتنزّهه عن كلّ نقيصة ، ولا يحتاج إلى إبطال الدور والتسلسل وغير ذلك من المقدّمات المذكورة في الكتب الكلامية . «بخطه».
قوله عليه السلام : (دليلاً على الربّ) [ ح 6/221 ] أقول : هذا الكلام ونظائره في كلامهم عليهم السلام دليلٌ على أنّ دعوى النبيّ أنّه رسول الخالق لدعوة الخلق إلى الإقرار ـ أي الاعتراف بأنّ في الموجودات الخالق واحد والباقي مخلوق ـ مع معجزته ، دليل مستقلّ على أنّ لنا خالقا وعلى علمه وقدرته . فما اشتهر عند علماء الكلام أنّه لايثبت النبوّة بالمعجزة إلّا عند أحد ثبت عنده أوّلاً أنّ له خالقا عالما قادرا [على ]كلّ شيء باطلٌ .
و إن قلت : استدلالهم عليهم السلام على وجود الخالق ينافي ما تواترت به الأخبار عنهم عليهم السلام بأنّ معرفة اللّه موهبيّة ، وثبتت المعرفة في قلوبهم ، ونسوا الموقف وسيذكرونه يوما ما .
قلنا : كلّا ثمّ كلّا . ألا ترى الأحاديث الواردة في بكاء الأطفال ۱۱ والواردة في معرفة الحيوانات ربّهم ۱۲ والآيات الدالّة على ذلك.
وتوضيح ذلك : أنّ اللاأدريّة من السوفسطائيّة مثلاً عارفون بوجود أنفسهم ومع ذلك يشكّون في ذلك ، فعلم أنّ الاُلفة بالمقدّمات المخالفة للمعرفة الثابتة في القلوب يتسبّب لزوال تلك المعرفة وللشكّ ، فتكون استدلالات الأئمّة عليهم السلام مزيلةً ۱۳ لتلك الغفلة مسترجعةً ۱۴ لتلك المعرفة.
ويؤيّده قولهم عليهم السلام : «يمرّ على شارب الخمر ساعةٌ لايعرف ربّه» ۱۵
وكذلك الأحاديث الدالّة على أنّ القلب في بعض الحالات خالٍ عن المعرفة والجحود. ۱۶ «ا م ن».

1.لعلّ الصواب : لِمَ يرجع . وفي النسخة كتب فوقها لفظة «كذا».

2.في النسخة فوق هذه الكلمة لفظة «كذا» .

3.في النسخة ، فوق هذه الكلمة لفظه «كذا» .

4.في النسخة ، فوق هذه الكلمة لفظه «كذا» .

5.في النسخة لفظة «كذا» كتبت فوقها وأيضا في الموارد الآتية .

6.شرح المقاصد ، ج ۴ ، ص ۳۵ ـ ۳۶ .

7.هذا هو الصواب ، وفي النسخة : ذوفرجتان آخران ، وكتب عليها لفظة «كذا» .

8.لعلّ الصواب : مغايرة . وفي النسخة كتب فوقها لفظة «كذا» .

9.في النسخة فوقها لفظة «كذا» .

10.نقله عنه محمّد هادي بن معين الدين الشريف الشيرازيّ في الكشف الوافي و عبّر عن الكتاب ب«شرح الكافي».

11.انظر بحار الأنوار ، ج۶۰ ، ص ۳۸۱ (الرقم ۱۰۰) ، ج ۹۴ ، ص۵۵ (الرقم ۲۸) وج ۱۰۴ ، ص۱۰۳ (الرقم ۹۵) .

12.انظر بحار الأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۵۰ ـ ۵۱ (الرقم ۲۷ ـ ۲۹) .

13.في النسخة: مزيلاً.

14.في النسخة: مسترجعا.

15.انظر بحار الأنوار ، ج ۷۷ ، ص ۴۷ (الرقم ۳) و ج ۷۹ ، ص۱۵۰ (الرقم ۶۳) .

16.انظر الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۰ ـ ۴۲۲ كتاب الإيمان والكفر، باب سهو القلب ح ۱ ـ ۲ و ۶ .


الحاشية علي اصول الكافي (المولي محمّد امين الاسترابادي)
100
  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (المولي محمّد امين الاسترابادي)
    سایر پدیدآورندگان :
    المولي محمّد امين الاسترابادي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 121514
صفحه از 268
پرینت  ارسال به