[ باب النهي عن الجسم والصورة ]
قوله : (معرفته ضرورةٌ ۱ ) [ ح 1 /285] معرفة اللّه اضطراري على كلّ نفس لا كلّ مخلوق لشموله الجمادات . «عنوان» .
قوله : (وصفت لأبي إبراهيم عليه السلام قول هشام) إلخ [ ح 4 /288 ]الخيالات الواهية المنسوبة إلى الهشامين . «عنوان».
[باب صفات الذات]
قوله : (باب صفات الذات) أقول : قد تقرّر في الحكمة والكلام أنّ الصفة قسمان:
قسم له وجودان وجود لغيره و وجود في نفسه كالبياض والسواد ، وهذا القسم له أسماء: منها الصفة الحقيقيّة ، ومنها الصفة الاستفهامية ، و منها الصفة الزائدة على ذات الموصوف.
وقسم له وجود لغيره فقط كالزوجيّة والفرديّة والإمكان والوجوب والعمى ، وهذا القسم أيضا له أسماء : منها الصفة الانتزاعيّة ، ومنها الصفة الغير الحقيقيّة ، ومنها الصفة الغير الزائدة.
وقد تقرّر أيضا أنّ القسم الثاني ينقسم إلى قسمين : قسمٌ منشأ انتزاعه مجرّد ذات الموصوف ، وقسم منشأ انتزاعه ذات الموصوف مع ملاحظة شيء آخر عدميّ أو وجوديّ معه.
والمستفاد من كلامهم عليهم السلام أنّ صفاته تعالى كلّها انتزاعيّة ، وأنّ منشأ انتزاع بعضها مجرّد ذاته تعالى ، وعبّروا عليهم السلام عن هذا القسم بصفات الذات ، أي التي عين الذات . ومنشأ انتزاع بعضها ذاته تعالى مع ملاحظة أثر من آثاره ، وعبّروا عليهم السلام عن هذا القسم بصفات الفعل ، أي التي مصداقها عين الفعل.
ويستفاد من تصريحاتهم عليهم السلام أنّ كلّ صفة توجد هي ونقيضها في حقّه تعالى فهي من صفات الفعل ، وكلّ صفة ليست كذلك فهي من صفات الذات.
ولاتنتقض تلك القاعدة بالأوّل والآخر ؛ لأنّ المراد من الأوّل في حقّه تعالى أنّه ليس قبله شيء ، ومن الآخر أنّه ليس بعده شيء ، فلا تَناقض بينهما.
وأقول : يمكن إرجاع صفات الذات كلّها إلى معانٍ سلبية ، مثلاً نقول : ليس معنى القادر من قام به القدرة ولا معنى العالم من قام به العلم ، بل معناهما من ليس بعاجز ومن ليس بجاهل .
ويمكن إرجاع صفات الفعل كلّها إلى معانٍ وجوديّة ، مثلاً معنى المشيّة والإرادة والتقدير خلق نقوش في اللوح المحفوظ مسمّاة بتلك الأسماء . ويمكن حمل صفات الذات على معانٍ وجوديّة يصحّ انتزاعها منه تعالى .
وقد ذكر ابن سينا شُبْهةً عَجَزَ عن جوابها . وكان قوله [ في ح 6 ] : «فقد أثبتنا معه غيره في أزليّته» إشارة إليها ، وهي أنّ علمه تعالى في الأزل متعلّق بكل مفهوم ، فلا بدّ للمفهومات من وجود أزليّ ، فوجودها في الأزل إمّا وجود خارجيّ أو ذهنيّ ، وعلى التقديرين هي قائمة بأنفسها أو بغيرها . وعلى تقدير قيامها بغيرها فهي قائمة بذاته تعالى أو بغيره تعالى ، والكلّ محال .
وقد ذكر صاحب المحاكمات احتمالاً في الوجود الذهنيّ وهو أن يكون وجود ذهنيّ غير قيام الموجود الذهنيّ بشيء .
وجواب الشبهة منحصر في التمسّك بهذا الاحتمال بأن يقال : ذاته تعالى وجود ذهنيّ لكلّ المفهومات الغير المتناهية عن غير قيام الوجود بها ، ومن غير قيامها بشيء ومن غير قيامها بنفسها.
و توضيحه أنّه تعالى علم بتلك المفهومات ، ووجودها الذهنيّ عين علمه تعالى ، وليست للمفهومات بحسب هذا الوجود تشخّصات بها يمتاز بعضها عن بعض ، ولا يتّصف في هذا الوجود بشيء من صفاتها ، وإلّا لزم تعدّد الموصوفات في الأزل ، وهو محال.
و أقول : بعد أن يثبتَ بالأدلّة العقليّة والنقليّة أنّ علمه تعالى أزليّ متعلّق في الأزل بجميع المفهومات ، وانحصر جواب الشبهة في الاحتمال الذي ذكره صاحب المحاكمات ، صار ذلك الاحتمال ثابتا بالبرهان.
وأقول ثانيا : يستفاد من كلامهم عليهم السلام أنّ علمه تعالى من صفات الذات و أنّه قديم ، فبطل ما زعمه جمع من أنّ له تعالى علمين أزليّ إجماليّ حصوليّ هو عين ذاته تعالى ، وتفصيليّ حضوريّ هو عين سلسلة الممكنات التي خلقها اللّه تعالى.
قوله : (وقع العلم منه على المعلوم) [ ح 1 /293] لا بمعنى أنّ التعلّق لم يكن بالفعل في الأزل ، بل الانطباق على المعلوم الخارجيّ ليس في الأزل . «سُمع» .
أو يقال: العلم الحضوريّ ليس في الأزل ، مع أنّ السند ضعيف . «بخطه».
قوله : (اليوم يعلم أنّه لا غيره) [ ح 6 /298] أي حين خلق الأشياء.