باب الابتلاء والاختبار
قوله : ([ ما من قبض ولا بسط إلّا ] وللّه فيه مشيّة وقضاء وابتلاء) [ ح 1 /393 ]المراد من القبض والبسط الفرح والآلام سواء كان ورودهما بطريق ظلم أحد أم لا ، وقد سبق أنّه كلّ حادث مسبوق بسبعة ، وذكر هنا اثنين منها إما بإرادة معنى أعمّ من المشيّة أو بالاكتفاء بالبعض . «ا م ن».
باب السعادة والشقاوة
قوله : (خلق السعادة والشقاوة) إلخ [ ح 1 /395 ]المراد خلق تقدير لاخلق تكوين ، كما وقع التصريح به في الأحاديث . وخلق التقدير نقوش اللوح المحفوظ ، وخلق التكوين الوجود في الخارج وهو من فعلنا .«ا م ن».
قوله : (فلمّا حكم بذلك وهب) إلخ [ ح 2 /396 ]المراد حكمه تعالى في التكليف الأوّل يوم الميثاق قبل تعلّق الأرواح بالأبدان ، حيث ظهرت ذلك اليوم الطاعة والمعصية ، فقال جلّ وعلا مشيرا إلى من ظهرت ذلك اليوم منه الطاعة : هؤلاء للجنّة ، ومشيرا إلى من ظهرت منه المعصية : هؤلاء للنار ولا اُبالي! فلمّا علم اللّه تعالى أنّ أفعال الأرواح بعد تعلّقهم بالأبدان موافقة لفعلهم يوم الميثاق ، مهّد لكلّ روح شروطا تناسب ۱ ما في طبعه من السعادة والشقاوة .
وأمّا قوله عليه السلام : «منعهم إطاقة القبول» فمعناه أنّه لم يشأ ولم يقدّر قبولهم ، ومن المعلوم أنّ المشيّة والتقدير شرطان في وجود الحوادث كما مرّ و إن لم يكونا من الأسباب.
وأمّا قوله : «ولم يقدروا أن يأتوا» إلخ فمعناه ـ واللّه أعلم ـ أنّه لم يقدروا على قلب حقائقهم بأن يجعلوا أرواحهم من جنس أرواح السعداء . وسيجيء في اُصول هذا الكتاب : لا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء . ۲ وقد فسّرناه بهذا المعنى .
وأمّا قوله : «لأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق» فهو تعليل لقوله : «فوافقوا ما سبق لهم في علمه».
وهنا فائدتان:
إحداهما أنّ الجمادات إذا خلّيت وأنفسها كانت في أمكنة مخصوصة مناسبة لطبعها ، فكذلك الأرواح إذا خلّيت وإرادتها اختارت الطاعة أو المعصية ، فمقتضى الطبع قسمان .
وثانيتهما : أنّ لعلمه تعالى بأنّ بعض الأرواح يختار المعصية ما خلق الأشياء السبعة الّتي هي شرط الطاعة ، وخلق السبعة الّتي هي شرط المعصية ولايلزم الجبر ؛ لأنّ التمهيد وقع على وفق اختياره . وبعبارة اُخرى الجبر هو خلق الفعل في العباد ، أو خلق ما يخلق الفعل فيهم ، كالميول القسريّة . والاضطرار جاء بمعنى الجبر ، وجاء بمعنى الإكراه وهو أن يفعل الانسان بإرادته فعلاً لا يحبّه لخوف ونحوه . «ا م ن».