[باب في ترك دعاء الناس]
قوله : (باب في ترك دعاء الناس) إلخ يفهم من أحاديث هذا الباب والبابين الآتيين أنّ الدعوة في زمان سكوت الإمام غير مرضي ، وأنّ اللّه تعالى في هذا الزمان ينكت مكان الدعوة الظاهريّة نكتةً في القلب ، أي نورا يبعث القلب على التفتيش عن الحقّ ، ويبعثه على قبول كلّ ما يسمع من الحقّ وإنكار كلّ ما يسمع من الباطل ، ثمّ يقذف فيه ما هو الحقّ ليقبله . «ا م ن» .
قوله : (فإذا مرّ بهم الباب من الحقّ ۱ قَبِلَتْه قلوبهم) إلخ [ ح 5/2230 ]أقول : يفهم من أحاديث هذه الأبواب أنّ البيان فعل النبي صلى الله عليه و آله وفعل الأئمّة عليهم السلام ومن يحذو حذوهم.
أمّا تطييب القلب بحيث يقبل كلّ ما يسمع من الحقّ ، وينكر كلّ ما يسمع من الباطل فهو صنع اللّه .
ويفهم أيضا أنّ القبول صنع القلب وكذلك الإنكار . وقد مضى في أوائل الكتاب ۲ أنّ على اللّه البيان ـ يعني على لسان النبيّ ومن يحذو حذوه عليهماالسلام ـ وعلى الخلق أن يقبلوه . وسيجيء ۳ في «باب أنّ الإيمان يوزّع على جوارح الإنسان» تصريحات بأنّ الاعتقاد فعل القلب معروض عليه . وقد مضى ۴ أنّ الإيمان صنع اللّه في القلب . وقد مضى في أوائل الكتاب ۵ أنّ العلم والجهل من صنع اللّه لا صنع العباد ، وفي كتاب التوحيد لابن بابويه : المعرفة والجحود من صنع اللّه . ۶
ويمكن الجمع بأن يقال : تصوّرات القضايا والنور الّذي يبعث القلب على طلب الحقّ وعلى قبول الحقّ وإنكار الباطل من صنع اللّه ، وقبول النسب الخبريّة ۷ من فعل القلب وهو الاعتقاد . ويؤيّده أنّ التمييز بين الحقّ والباطل فعل القلوب ؛ وقع التصريح بذلك في الأحاديث السابقة.
ويؤيّده أيضا ما في الأحاديث من أنّ اليقين أفضل من التقوى ؛ فإنّه يدلّ على أنّ اليقين فعل القلب كما أنّ التقوى فعل العبد . وفي كتاب المحاسن عن الصادق عليه السلام : ما من أحد إلّا وقد يرد ۸ عليه الحقّ حتّى يصدع قلبه ؛ قبله أم لم يقبله . ۹
ويؤيّده أيضا أنّ اللّه يحول بين المرء وبين أن يعلم باطلاً حقّا لا شكّ فيه ؛ وقع التصريح بذلك في الأحاديث، ۱۰ وهذا يدل على أنّ الجزم بالنسب الخبريّة من فعل العبد.
ولقائل أن يقول : هنا شيئان : الإذعان الّذي هو ضدّ الشكّ وهو من صنع اللّه ، والاعتراف القلبيّ على وفق الإذعان وهو من صنع القلب . وقد دفعه العلّامة التفتازانيّ في شرح المقاصد بأنّ الوجدان يكذب تحقّق أمرين قلبيين هنا ، وأيضا الأحاديث صريحة في أنّ فعل القلب هو الاعتقاد.
فإن قلت : جزم القلب بأنّ الواحد نصف الاثنين لوكان فعل القلب لقدر على دفعه ورفعه ، كما يقدر على دفع الجزوم المتعلّقة بالإقامة والسفر مثلاً وعلى رفعها.
قلت : يجوز أن يكون فعلاً غير اختياريّ .
ويرد عليه أنّه لايكون فرضا حينئذٍ ، فتعيّن القول بأنّ هنا أمرين ؛ أحدهما المعرفة والعقد ، والآخر الاعتراف القلبيّ والاعتقاد . ويؤيّده ما مرّ من حديث الصدع ؛ فإنّ ظاهر الصدع حصول الإذعان لا مجرّد التصوّر . فعلم أنّ المعرفة قد تكون بدون الصدع ، وقد تكون مع الصدع وهو التصديق . «ا م ن» .
الميل الطبيعي إلى الحقّ ، والميل الطبيعي إلى الباطل . «عنوان» .
قوله : (و وكّل به شيطانا يضلّه) [ ح 7 /2232 ]قلت : الإضلال من باب العقوبة لإنكاره وعصيانه في التكليف الأوّل ، هذا هو المستفاد من رواياتهم عليهم السلام . وقد ذهب إليه ابن بابويه في كتاب التوحيد ، واللّه أعلم . «ا م ن» .
1.في النسخة هنا زيادة: «إلخ» وفوقها لفظة «كذا».
2.لاحظ ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵ من هذه الحاشية.
3.بل تقدّم لاحظ ص ۲۰۰ من هذه الحاشية.
4.لاحظ الكافي ، ج ۱ ، ص۱۶۴ ، ح۱.
5.لاحظ ص ۱۳۵ من هذه الحاشية.
6.لاحظ كتاب التوحيد، باب التعريف والبيان والحجة والهداية (۶۴) ، ص ۴۱۰.
7.في النسخة: الجبرية!
8.في المصدر : برز
9.المحاسن ، ص ۲۷۶ (ح ۳۹۱) وفيه : حتّى يصدع قبله أم تركه.
10.كتاب التوحيد للصدوق ، ص ۳۵۸، باب ۵۸ ، ح ۶ ؛ المحاسن للبرقي ، ص ۲۳۷، كتاب مصابيح الظلم، باب۲۳ ، ح ۲۰۵.