[كتاب العقل والجهل]
قوله : (كتاب العقل) المراد بالعقل في بعض مواضع هذا الباب «الغريزة» ، وفي بعضها «ما يترتب على الغريزة» كفهم المقصود وكالتميز بين الصواب والخطأ ، كالاجتناب عن المضارّ وجلب المنافع . وتلك الغريزة نورٌ يفيضه اللّه على القلوب ، ولها أفراد مختلفة بالقوّة والضعف ، والهداية الّتي هي صنع اللّه هي خلق هذا النور ، صرّحت الأحاديث بذلك . والّتي صنع الأنبياء ومن يحذوحَذْوَهم عليهم السلام هي بيان المدّعى وبيان الدليل عليها ، وقع التصريح بهما في الأحاديث . «ا م ن» .
قوله : (أخبرنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب قال : حدّثني عدّة من أصحابنا) [ ح 1 ]كان الطلبة المتردّدين على المصنّف كتبوا في أوّل الخبر : أخبرنا محمّد بن يعقوب ، وبقيت ۱ تلك الكتابة ، واستمرّ الأمر على هذا ، سمع ۲ أيضا ، «بخطه» .
قوله : (لمّا خلق اللّه العقل) [ ح 1 ]العقل جاء بمعانٍ كثيرة ، والجهل جاء بمعانٍ تضادّ معاني العقل ، والمرادهنا الغريزة الباعثة صاحبها على تميز الصواب عن الخطإ و على دفع المضارّ وجلب المنافع ، وهو مقول بالتشكيك ، وأضعفُ أفراده مناط التكليف ، وأقوى أفراده مناط السعادة . «ا م ن» .
قوله : (ما خلقت خلقا هو أحبّ [إليّ منك ]) إلخ [ ح 1 ] أي : ما خلقت صفة أحبّ إليّ منك . «ا م ن» .
قوله : (أمّا إنّي) إلخ [ ح 1 ] يعني جعلتك مناط التكاليف ومناط الثواب والعقاب .
قوله : (وليست لهم تلك العزيمة) [ ح 5 ]العزيمة : إرادة الفعل ، والقطع عليه ، أو الجدّ في الأمر ، وكان المراد نفي ذلك عنهم ؛ لعدم قوّة تميزهم . «بخطه» .
قوله : (عليّ بن محمّد بن عبد اللّه ) [ ح 8 ]الظاهر أنّه ابن اُذينة المذكور ؛ لأنّه من جملة العدّة ، وهو مجهول . سُمِع من م د ۳ «بخطه» .
قوله : (من عبادته ودينه وفضله) [ ح 8 ] أي في المرتبة العُليا . «بخطه».
قوله : (وما يضمر النبيّ) [ ح 11 ] المراد مطلق النبيّ عليهم السلام . «بخطه» .
قوله : (أبو عبد اللّه الأشعريّ عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام) [ ح 12 ]أوّل السند في النسخ المعتبرة : بعض أصحابنا رفعه . «ا م ن».
يأتي في مواضع من هذا الكتاب ككتاب النكاح ۴ : أبو عبد اللّه الأشعري وهو الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن بعض أصحابنا . وهنا نسخ مختلفة ؛ ففي بعضها ما ذكرناه ، وفي بعضها : بعض أصحابنا رفعه . وفي بعضها : أبو علي الأشعريّ رفعه . وفي بعضها : أبو عبد اللّه الأشعريّ رفعه . والظاهر عندي ما ذكرناه أوّلاً ؛ لأنّه المتعارف في هذا الكتاب . «ا م ن».
قوله : (أكمل للناس الحجج بالعقول) إلخ [ ح 12 ] . يعني : خلق في الناس العقل بمعنى الغريزة ، ولولا ذلك لما تمّ لأحدٍ حجّةٌ ودليلٌ على الآخر ؛ لأنّ العقل المناظر المتفكّر لا يستطيع أن يجحد المقدّمات الواضحة الحقّيّة الواضحة الاستلزام للمدّعى . «ا م ن» .
قوله : (نصر النبيّين بالبيان) [ ح 12 ] على الاُمّة يعني بأن ألهمهم وأوحى إليهم بمقدّمات واضحة الحقّية ، واضحة الدلالة على المدّعى عند الخصم ، مؤثّرة في قلبه بحسب استعداده . وفيه تنبيه على أنّ صنع الأنبياء عليهم السلام مجرّد البيان .
وأمّا خلق نور في القلب ترتّب عليه قبول الحقّ والاعتراف ، فهو صنع اللّه تعالى بالنسبة إلى من يشاء ، وهو الّذي ثبتت منه الطاعة يوم الميثاق ، وهو الّذي إذا خُلّي وإرادته يختار الحقّ وأهله لا هوى ۵ نفسه «ا م ن» .
قوله : (دلّهم على ربوبيّته بالأدلّة) [ ح 12 ]يعني بعد خلق العقل فيهم دلّهم على أنّ لهم مدبّرا على لسان نبيّه صلى الله عليه و آله بالأدلّة ، فالقول بأنّ معرفته ضرورية مِن توهّم بعض الرواة . «ا م ن» .
قوله : (وقال أكثرهم لايعقلون) [ ح 12 ] ما بعث اللّه رسله إلى عباده إلّا ليعقلوا الدين عن اللّه على لسان رسله بعلم اللّه ، بأنّ غير ذلك من الطرق كالرياضة والمناظرة قد يخطئ وقد يصيب ، كلّ ذلك بتقدير اللّه تعالى و قضائه ، وللحكم المنظورة له في ذلك . «ا م ن» .
قوله : (إنّ للّه على الخلق ۶ حجّتين) إلخ [ ح 12 ] يعني يحتجّ اللّه على عبده يوم القيامة بين الخلق فيقول : أما بيّنتُ لك الطريقة المرضيّة عندي والغير المرضيّة عندي على لسان النبيّ صلى الله عليه و آله .
وكذلك يَحتجّ عليه في قلبه بأنّه : أما خلقتُ في قلبك الطريقة المرضيّة والطريقة الغير المرضيّة بوسيلة بيان النّبيّ صلى الله عليه و آله . «ا م ن» .
قوله : (نصب الحقّ لطاعة اللّه ) إلخ [ ح 12 ]يعني : وضع اللّه الدين ، يعني : أوجب بعض الأفعال كالإقرار القلبيّ واللسانيّ بالتوحيد وبالرسالة ، وحرّم بعضها ، واستحبّ بعضَها ، وكره بعضها ، وخيّر في بعضها ؛ ليتميّز المطيع من العاصي . وشرط في طاعته أن يكون بعد علم ويقين بكونها طاعة ، وقدّر أن لا يحصل اليقين بكونها طاعة إلّا بالتعلّم يعني السماع من الرسل والأئمّة عليهم السلام ، وقدّر أن لا يحصل التعلّم إلّا بالنور المسمّى بالعقل . «ا م ن» .
قوله : (قليل العمل من العالم) إلخ [ ح 12 ]المراد بالعالم هنا صاحب اليقين بأنّ عمله طاعة اللّه ، وبالجاهل صاحب الجهل المركّب وهو من زعم أنّ عمله طاعة اللّه وليس كذلك ؛ لأنّه ما أخذه من العالم الربانيّ الّذي أمر اللّه بالأخذ عنه ، ولأنّه لم يحصل له جزم بكونه طاعة لأنّه قدّر اللّه تعالى أن لا يحصل جزم بالطاعات والمعاصي إلّا من جهة السماع عن العالم الربانيّ . «ا م ن» .
قوله : (فليتضرّع إلى اللّه عزّوجلّ) إلخ [ ح 12 ]صريح في أنّ المراد هنا من العقل الغريزة النورانيّة الّتي يخلقها ۷ اللّه في القلب ، و تترتّب عليها الأفعال الحسنة . «ا م ن» .
قوله : (وتعود إلى عماها) إلخ [ ح 12 ]وذلك بأن لم يحفظ اللّه تعالى ما خلق فيها من الغريزة النوريّة المسمّاة بالعقل .
وأمّا قوله : (إنّه لم يخف اللّه ) إلخ [ ح 12 ] فمعناه أنّ مَن لم يأخذ دينه عن اللّه ـ يعني عن رسله والأئمّة عليهم السلام ـ لم يخف اللّه حقّ خوفه . ومن أخذ دينه عن رسل اللّه والأئمّة عليهم السلام يخاف اللّه حقّ خوفه ؛ لأنّه يعلم أنّ معرفته مبنيّة على العقل الّذي تفضّل اللّه به عليه ، ويعلم أنّ بعض الكبائر يتسبّب لتركه تعالى حفظ ذلك العقل وكذلك من لم يأخذ دينه عن الحجج ـ صلوات اللّه عليهم ـ قدّر اللّه أن لا يحصل له يقين بذلك .
قوله : (استثمار المال) [ ح 12 ] أي استنماؤه ، وكأنّه كناية عن إخراج الصدقة . «بخطه» .
قوله : (العقل حِباء من اللّه والأدب كُلفة) إلخ [ ح 18 ]يعني : العقل غير كسبيّ والأدب كسبيّ ، ومن أراد أن يكتسب العقل زاد جهله، أي حمقه ؛ فإنّه يزعم أنّ له قدرة على الحدس ، فتظهر منه آثار تضحك منها الثكلى .
وتوضيح ذلك أنّ القواعد الكليّة يمكن تعلّمها وكسبها ، وأمّا تعيين مصداقها والتميز بين الصواب والخطإ فلا ، بل يحتاج إلى جودة الذهن ، مثال ذلك الواقعتان المشهورتان : أعني إخفاء حجر الرحى في الكفّ ، وأكل لحم الحمار . «ا م ن» .
قوله : (حجة اللّه على العباد النبيّ) إلخ . [ ح 22 ] هنا معنى واحد وقد عبّروا عنه عليهم السلام بعبارات ثلاث : الاُولى : أنّ للّه على الخلق حجّتين : ظاهرةً وباطنةً . والثانية : الحجّة على الخلق اليوم العقل يُعرف به الصادق على اللّه والكاذب على اللّه . والثالثة : هذه العبارة .
ومعنى الكلّ واحد وهو أنّ التكاليف إنّما تتعلّق بالمكلّف بعد أن يجتمع فيه أمران : أحدهما : أن يخلق اللّه تعالى فيه الغريزة الّتي لولاها لم يفهم الخطاب ولم يميّز بين الخطإ والصواب ، وثانيهما : أن تصل إليه دعوة النبيّ الخلق إلى اللّه تعالى .
ثمّ اعلم أنّه يستفاد من الأحاديث أنّ المرتبة الكاملة من العقل الّتي قدّرها اللّه تعالى لكلّ أحد إنّما يفيضها عليه إذا كملت له ثمان عشرة ۸ سنة . ويستفاد أيضا أنّ المرتبة الناقصة الّتي هي مناط تعلّق التكاليف به إنّما يفيضها عليه إذا كلمت له خمس عشرة ۹ سنة . «ا م ن» .
قوله : (من عجنت نطفته بعقله) إلخ [ ح 27 ]يعني : من كان عاقلاً في ظهر أبيه ، ومن صار عاقلاً في بطن اُمّه ، ومن اكتسب العقل من الناس . وقصده عليهم السلام أن يتكلّم السائل على قدر عقله ، والمقصود أنّ هذا يرجع إلى اختلاف الأنفس في الاستعدادات الذاتية وإليه ناظر قوله صلى الله عليه و آله : «الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام» ۱۰ «ا م ن» .
قوله : (بين المرء والحكمة نعمة) إلخ [ ح 29 ]قصده عليه السلام الإشارة إلى ما سيجيء مفصّلاً في كلامهم عليهم السلام من انقسام الناس إلى ثلاثة أقسام : عالم ربّانيّ ، ومتعلّم منه ، وصاحب الجهل . وإلى أنّ العالم نعمة عظيمة بين المتعلّم وبين الحكمة ؛ لأنّه يحلّيه بحلية الحكمة ، وصاحب الجهل شقّي بين المرء وبين الحكمة ، ويمكن أن تكون النعمة مضافة إلى العالم إضافة بيانيّة ، وأن يكون العالم مبتدأً متأخّرا عن خبره وهو النعمة وقوله عليه السلام : واللّه وليّ من عرفه إلخ إشارة إلى أنّ من أخذ معالم دينه من العالم الربّاني فهو عارف دون من أخذها من غيره ، وضمير «عرفه» يعود على اللّه . «ا م ن» .
قوله : (والجاهل شقيّ) إلخ [ ح 29 ] أقول : الموجود في النسخ كلّها شقيّ بينهما وهو ضدّ السعيد ، ولا يزال يختلج بالبال أنّ هنا سهوا من قلم ناسخ و أنّ صوابه شَفَى عنهما وشَفَا كلِّ شيء : حرفه ، على وزن نَوَى ، والمراد أنّ العالم الربّانيّ نعمة من اللّه تعالى على المرء الّذي يريد تعلّم الحكمة ، وصاحب الجهل المركّب كأصحاب الرأي في طرف عنهما . «ا م ن».
قوله : (أبو عبد اللّه العاصميّ) [ ح 32 ] اسمه أحمد بن محمّد بن العاصم . «بخطه» .
قوله : (بالعقل استخرج) إلخ [ ح 34 ] يعني بآلة العقل يمكن الوصول إلى كنه الحكمة ، وبظهور الحكمة من العاقل يظهر ما كان مخزونا في عقله . «ا م ن» .
قوله : (هذا آخر كتاب العقل) لا آخر كتاب العقل وما يلحق به ، ويؤيده ما سيجيء ، وما في الفهرست ۱۱ من عدّ المجموع كتابا واحدا . «بخطه» .
1.في النسخة: بقي.
2.في هامش النسخة أي عن م د رحمه الله أي عن ميرزا محمّد الإستر آباديّ .
3.المراد به اُستاذه ميرزا محمّد الإسترآبادي كما تقدّم .
4.ج ۵ ، ص ۳۳۷ باب ما يستحب من تزويج النساء ح ۷ . لاحظ ترجمته في معجم رجال الحديث، ج ۲۱ ، ص ۲۱۷ ـ ۲۱۸ .
5.رسم خطّ الكلمة في النسخة: لأهواء.
6.في المصدر : الناس .
7.في النسخة: يخلقه.
8.في النسخة : ثمانية عشر ، وهو تصحيف .
9.هذا هو الصواب ، وفي النسخة : خمسة عشر .
10.الكافي، ج ۸ ، ص ۱۷۷ (الرقم ۱۹۷) ؛ بحار الأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۶۵ (الرقم ۵۱) .
11.الفهرست ، ص ۳۹۳ ـ ۳۹۴ (الرقم ۶۰۳) .