مسند نساء الشيعة - صفحه 108

عَلَيْهَا أَنْ تَتَصَدَّعَ مَرَارَتُهَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي حَدِيثِهِ وَ كَرَمِهِ وَ وَصْفِ خُلُقِهِ وَ مَا أَعْطَاهُ اللّهُ تَعَالَى مِنَ الشَّرَفِ وَ الإِْخْلَاصِ وَ مَنَحَهُ مِنَ الْعِزِّ وَ الْكَرَامَةِ إِذْ قَالَتْ أُمُّ عِيسَى: أَ لَا أُخْبِرُكِ عَنْهُ بِشَيْءٍ عَجِيبٍ وَ أَمْرٍ جَلِيلٍ فَوْقَ الْوَصْفِ وَ الْمِقْدَارِ؟ قُلْتُ: وَ مَا ذَاكِ؟
قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَيْهِ كَثِيرا وَ أُرَاقِبُهُ أَبَدا، وَ رُبَّمَا يُسْمِعُنِي الْكَلَامَ، فَأَشْكُو ذَلِكِ إِلَى أَبِي فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّةِ، احْتَمِلِيهِ؛ فَإِنَّهُ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله . فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ دَخَلَتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ فَسَلَّمَتْ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا جَارِيَةٌ مِنْ وُلْدِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَ أَنَا زَوْجَةُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا زَوْجِكِ. فَدَخَلَنِي مِنَ الْغَيْرَةِ مَا لَا أَقْدِرُ عَلَى احْتِمَالِ ذَلِكِ، وَ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ وَ أَسِيحَ فِي الْبِلَادِ، وَ كَادَ الشَّيْطَانُ يَحْمِلُنِي عَلَى الإِْسَاءَةِ إِلَيْهَا، فَكَظَمْتُ غَيْظِي، وَ أَحْسَنْتُ رِفْدَهَا وَ كِسَوَتَهَا، فَلَمَّا خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِيَ الْمَرْأَةُ نَهَضْتُ وَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي، وَ أَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ وَ كَانَ سَكْرَانَ لَا يَعْقِلُ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، عَلَيَّ بِالسَّيْفِ. فَأَتَى بِهِ فَرَكِبَ وَ قَالَ: وَ اللَّهِ لأََقْتُلَنَّهُ! فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكِ قُلْتُ : «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» مَا صَنَعْتُ بِنَفْسِي وَ بِزَوْجِي! وَ جَعَلْتُ أَلْطِمُ حُرَّ وَجْهِي، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَالِدِي، وَ مَا زَالَ يَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَطَعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ خَرَجْتُ هَارِبَةً مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ أَرْقُدْ لَيْلَتِي .
فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَتَيْتُ أَبِي، فَقُلْتُ: أَ تَدْرِي مَا صَنَعْتَ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: وَ مَا صَنَعْتُ؟ قُلْتُ: قَتَلْتَ ابْنَ الرِّضَا! فَبَرَقَ عَيْنُهُ وَ غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ حِينٍ وَ قَالَ: وَيْلَكِ مَا تَقُولِينَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَ اللَّهِ يَا أَبَتِ، دَخَلْتَ عَلَيْهِ وَ لَمْ تَزَلْ تَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلْتَهُ. فَاضْطَرَبَ مِنْ ذَلِكِ اضْطِرَابا شَدِيدا وَ قَالَ: عَلَيَّ بِيَاسِرٍ الْخَادِمِ. فَجَاءَ يَاسِرٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ وَ قَالَ: وَيْلَكَ! مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ هَذِهِ ابْنَتِي؟ قَالَ: صَدَقَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ وَ خَدِّهِ وَ قَالَ: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» ، هَلَكْنَا بِاللَّهِ وَ عَطِبْنَا وَ افْتَضَحْنَا إِلَى آخِرِ الأَْبَدِ! وَيْلَكَ يَا يَاسِرُ! فَانْظُرْ مَا الْخَبَرُ وَ الْقِصَّةُ عَنْهُ؟ وَ عَجِّلْ عَلَيَّ بِالْخَبَرِ؛ فَإِنَّ نَفْسِي تَكَادُ أَنْ تَخْرُجَ السَّاعَةَ! فَخَرَجَ يَاسِرٌ وَ أَنَا أَلْطِمُ حُرَّ وَجْهِي، فَمَا كَانَ

صفحه از 197