مسند نساء الشيعة - صفحه 114

فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ قُرَيْشا قَدْ وَضَعَتِ الْعَامَ كُلُّ بُطُونِهَا، وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى نِسَاءِ الْعَامِ أَنْ يَلِدْنَ الْبَنَاتِ مِنْ أَجْلِ مَوْلِدٍ فِي قُرَيْشٍ وَ شَمْسِ النَّهَارِ وَ قَمَرِ اللَّيْلِ، فَطُوبَى لِثَدْيٍ أَرْضَعَتْهُ، أَلَا فَبَادِرْنَ إِلَيْهِ يَا نِسَاءَ بَنِي سَعْدٍ. قَالَتْ: فَنَزَلْنَا فِي جَبَلٍ، وَ عَزَمْنَا عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ نِسَاءُ بَنِي سَعْدٍ عَلَى جَهْدٍ مِنْهُنَّ وَ مَخْمَصَةٍ، وَ خَرَجْتُ أَنَا مَعَ بُنَيٍّ لِي عَلَى أَتَانٍ لِي مِعْنَاقٍ، تُسْمَعُ لَهَا فِي جَوْفِهَا خَضْخَضَةٌ قَدْ بَدَا عِظَامُهَا مِنْ سُوءِ حَالِهَا، وَ كَانَتْ تَخْفِضُنِي طَوْرا وَ تَرْفَعُنِي آخَرَ، وَ مَعِي زَوْجِي ، فَكُنْتُ فِي طَرِيقِي أَسْمَعُ الْعَجَائِبَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ ، لَا أَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَا اسْتَطَالَ إِلَيَّ فَرَحا، وَ قَالَ لِي: طُوبَى لِثَدْيِكِ يَا حَلِيمَةُ ! انْطَلِقِي ؛ فَإِنَّكِ سَتَأْتِينَ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الْهِلَالِ الْبَدْرِيِّ، فَاكْتُمِي شَأْنَكِ، وَ كُونِي مِنْ وَرَاءِ الْقَوْمِ؛ فَقَدْ نَزَلَتْ بِشَارَاتُكِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَقُولُ لِصَاحِبِي: تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ؟ فَيَقُولُ: لَا، مَا لِي أَرَاكِ كَالْخَائِفَةِ الْوَجِلَةِ، تَلْتَفِتِينَ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً؟! مُرِّي أَمَامَكِ؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ نِسَاءُ بَنِي سَعْدٍ . وَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَى كُلِّ مَوْلُودٍ بِمَكَّةَ. قَالَتْ: فَجَعَلْنَا نَجِدُّ فِي الْمَسِيرِ، وَ الأَْتَانُ كَأَنَّهَا تَنْزِعُ حَوَافِرَهَا مِنَ الظَّهْرِ نَزْعا .
فَبَيْنَا أَنَا فِي مَسِيرِي إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ فِي بَيَاضِ الثَّلْجِ وَ طُولِ النَّخْلَةِ الْبَاسِقَةِ يُنَادِي مِنَ الْجَبَلِ: يَا حَلِيمَةُ، مُرِّي أَمَامَكِ؛ فَقَدْ أَمَرَنِيَ اللّهُ عز و جل أَنْ أَدْفَعَ عَنْكِ كُلَّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. قَالَتْ: حَتَّى إِذَا صِرْنَا عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْ مَكَّةَ بِتْنَا لَيْلَتَنَا تِلْكَ، فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ عَلَى رَأْسِي شَجَرَةً خَضْرَاءَ قَدْ أَلْقَتْ بِأَغْصَانِهَا حَوْلِي، وَ رَأَيْتُ فِي فُرُوعِهَا شَجَرَةً كَالنَّخْلَةِ قَدْ حَمَلَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الرُّطَبِ، وَ كَانَ جَمِيعُ مَنْ خَرَجَ مَعِي مِنْ نِسَاءِ بَنِي سَعْدٍ حَوْلِي، فَقُلْنَ: يَا حَلِيمَةُ، أَنْتِ الْمَلِكَةُ عَلَيْنَا. فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ سَقَطَتْ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فِي حَجْرِي تَمْرَةٌ، فَتَنَاوَلْتُهَا وَ وَضَعْتُهَا فِي فَمِي، فَوَجَدْتُ لَهَا حَلَاوَةً كَحَلَاوَةِ الْعَسَلِ، فَلَمْ أَزَلْ أَجِدُ طَعْمَ ذَلِكَ فِي فَمِي حَتَّى فَارَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ كَتَمْتُ شَأْنِي قُلْتُ: إِنْ قَضَى اللّهُ لِي أَمْرا فَسَوْفَ يَكُونُ. ثُمَّ ارْتَحَلْنَا حَتَّى نَزَلْنَا مَكَّةَ يَوْمَ الإِْثْنَيْنِ وَ قَدْ سَبَقَنِي نِسَاءُ بَنِي سَعْدٍ، وَ كَانَ الصَّبِيُّ الَّذِي مَعِي قَدْ وَلَدْتُهُ لَا يَبْكِي وَ لَا يَتَحَرَّكُ وَ لَا يَطْلُبُ لَبَنا، فَكُنْتُ أَقُولُ

صفحه از 197