مسند نساء الشيعة - صفحه 116

[ لَا أَرْجِعُ ]إِلَيْهِ، فَكَأَنَّ اللَّهَ قَذَفَ فِي قَلْبِي : إِنْ فَارَقَكِ مُحَمَّدٌ لَا تُفْلِحِينَ ! وَ أَخَذَتْنِي الْحَمِيَّةُ وَ قُلْتُ: هَؤُلَاءِ نِسَاءُ بَنِي سَعْدٍ يَرْجِعْنَ بِالرَّضَاعِ وَ الشَّرَفِ، وَ أَرْجِعُ أَنَا بِلَا رَضَاعٍ، وَ اللَّهِ لآَخُذَنَّهُ وَ إِنْ كَانَ يَتِيما؛ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرا . قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ الْكَرِيمُ، هَلُمَّ الصَّبِيَّ. قَالَ: هَلْ نَشِطْتِ لأَِخْذِهِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ. فَخَرَّ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَاجِدا، وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَرْوَةِ وَ الْحَطِيمِ، أَسْعِدْهَا بِمُحَمَّدٍ . ثُمَّ مَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ يَجُرُّ حُلَّتَهُ فَرَحا، حَتَّى دَخَلَ بِي عَلَى آمِنَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ مَا رَأَيْتُ فِي الآْدَمِيِّينَ أَجْمَلَ وَجْها مِنْهَا هِلَالِيَّةً بَدْرِيَّةً، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيَّ ضَحِكَتْ فِي وَجْهِي، وَ قَالَتِ: ادْخُلِي يَا حَلِيمَةُ . فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتا كَانَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِذَا أَنَا بِهِ وَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ فِي يَوْمِ دَيْجَانِهَا .
فَلَمَّا رَأَيْتُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ اسْتَدَرَّ كُلُّ عِرْقٍ فِي جَسَدِي بِالضَّرَبَانِ، فَنَاوَلَتْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا أَنْ وَضَعْتُهُ فِي حَجْرِي فَتَحَ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُرَ إِلَيَّ، فَسَطَعَ مِنْهُمَا نُورٌ كَنُورِ الْبَرْقِ إِذَا خَرَجَ مِنْ خِلَالِ السَّحَابَ، فَأَلْقَمْتُهُ ثَدْيِيَ الأَْيْمَنَ، فَشَرِبَ مِنْهُ سَاعَةً، ثُمَّ حَوَّلْتُهُ إِلَى الأَْيْسَرِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَ جَعَلَ يَمِيلُ إِلَى الْيُمْنَى، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أُلْهِمَ الْعَدْلَ فِي رَضَاعِهِ ، عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَرِيكا فَنَاصَفَهُ عَدْلاً . وَ كَانَتِ الثَّدْيُ الْيُمْنَى تَدِرُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، وَ الثَّدْيُ الْيُسْرَى تَدِرُّ لِابْنِي، وَ كَانَ ابْنِي لَا يَشْرَبُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله قَدْ شَرِبَ، وَ كُنْتُ كَثِيرا مَا أَسْبِقُ إِلَى مَسْحِ شَفَتَيْهِ، فَكُنْتُ أَسْبِقُ إِلَى ذَلِكَ فَنَامَ فِي حَجْرِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَ هُوَ كَالنَّائِمِ، فَلَمْ أَتَمَالَكْ فَرَحا، وَ أَخَذَتْنِي الْعَجَلَةُ بِالرُّجُوعِ إِلَى صَاحِبِي، فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ صَاحِبِي لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ قَامَ وَ سَجَدَ وَ قَالَ: يَا حَلِيمَةُ، مَا رَأَيْتُ فِي الآْدَمِيِّينَ أَجْمَلَ وَجْها مِنْ هَذَا.
قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ وَ طَابَ النَّوْمُ وَ هَدَأَتِ الأَْصْوَاتُ انْتَبَهْتُ، فَإِذَا بِهِ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ نُورٌ مُتَلأَْلِئٌ، وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَائِمٍ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَخْضَرُ، فَأَنْبَهْتُ صَاحِبِي وَ

صفحه از 197