مسند نساء الشيعة - صفحه 119

فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ فِي حَجْرِي إِذَا مَرَّتْ بِهِ غُنَيْمَاتِي، فَأَقْبَلَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ حَتَّى سَجَدَتْ لَهُ وَ قَبَّلَتْ رَأْسَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى صُوَيْحِبَاتِهَا ، وَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ نُورٌ كَنُورِ الشَّمْسِ فَيَغْشَاهُ ثُمَّ يَنْجَلِي عَنْهُ، وَ كَانَ أَخَوَاهُ مِنَ العرَّضَاعَةِ يَخْرُجَانِ فَيَمُرَّانِ بِالْغِلْمَانِ فَيَلْعَبَانِ مَعَهُمْ، وَ إِذَا رَآهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله اجْتَنَبَهُمْ وَ أَخَذَ بِيَدِ أَخَوَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا. فَلَمَّا تَمَّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ قَالَ لِي يَوْما: يَا أُمَّاهْ، مَا لِي لَا أَرَى أَخَوَيَّ بِالنَّهَارِ؟ قُلْتُ لَهُ: يَا بُنَيَّ، إِنَّهُمَا يَرْعَيَانِ غُنَيْمَاتٍ. قَالَ: فَمَا لِي لَا أَخْرُجُ مَعَهُمَا؟ قُلْتُ لَهُ: تُحِبُّ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا أَصْبَحَ دَهَّنْتُهُ وَ كَحَلْتُهُ وَ عَلَّقْتُ فِي عُنُقِهِ خَيْطا فِيهِ جَزْعٌ يَمَانِيَّةٌ، فَنَزَعَهَا ثُمَّ قَالَ لِي: مَهْلاً يَا أُمَّاهْ؛ فَإِنَّ مَعِي مَنْ يَحْفَظُنِي! قَالَتْ: ثُمَّ دَعَوْتُ بِابْنَيَّ فَقُلْتُ لَهُمَا: أُوصِيكُمَا بِمُحَمَّدٍ خَيْرا لَا تُفَارِقَاهُ، وَ لْيَكُنْ نُصْبَ أَعْيُنِكُمَا. قَالَتْ: فَخَرَجَ مَعَ أَخَوَيْهِ فِي الْغَنَمِ، فَبَيْنَا هُمْ يَتَرَامَوْنَ بِالْجَلَّةِ ـ يَعْنِي الْبَعْرَ ـ إِذْ هَبَطَ جَبْرَائِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ مَعَهُمَا طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مَاءٌ وَ ثَلْجٌ، فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنَ الْغَنَمِ وَ الصَّبِيَّةِ، فَأَضْجَعَاهُ وَ شَقَّا بَطْنَهُ وَ شَرَحَا صَدْرَهُ، فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ نُكْتَةً سَوْدَاءَ، وَ غَسَلَاهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ الثَّلْجِ، وَ حَشَيَا بَطْنَهُ نُورا، وَ مَسَحَا عَلَيْهِ، فَعَادَ كَمَا كَانَ.
قَالَتْ: فَلَمَّا رَأَى أَخَوَاهُ ذَلِكَ أَقْبَلَ أَحَدُهُمَا اسْمُهُ ضَمْرَةُ يَعْدُو وَ قَدْ عَلَاهُ النَّفَسُ وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أُمَّهْ، أَدْرِكِي أَخِي مُحَمَّدا! وَ مَا أَرَاكِ تُدْرِكِينَهُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنْ بَيْنِنَا وَ بَيْنِ الْغَنَمِ، فَأَضْجَعَاهُ وَ شَقَّا بَطْنَهُ وَ هُمَا يَتَوَطَّئَانِهِ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَ أَبُوهُ وَ نِسْوَةٌ مِنَ الْحَيِّ، فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِما يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ وَجْهِهِ، فَالْتَزَمْتُهُ وَ الْتَزَمَهُ أَبُوهُ، وَ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّمَا غُمِسَ فِي الْمِسْكِ غَمْسَةً، وَ قَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، مَا لَكَ؟! قَالَ: خَيْرٌ يَا أَبَهْ، أَتَانِي رَجُلَانِ انْقَضَّا عَلَيَّ مِنَ السَّمَاءِ كَمَا يَنْقَضُّ الطَّيْرُ، فَأَضْجَعَانِي وَ شَقَّا بَطْنِي وَ حَشَيَاهُ بِشَيْءٍ كَانَ مَعَهُمَا، مَا رَأَيْتُ أَلْيَنَ مِنْهُ وَ لَا أَطْيَبَ رِيحا، وَ مَسَحَا عَلَى بَطْنِي فَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ، ثُمَّ وَزَنَانِي بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِي فَرَجَحْتُهُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: فَلَوْ وَزَنْتَهُ بِأُمَّتِهِ كُلِّهَا لَرَجَحَ . وَ طَارَا كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلَا السَّمَاءَ . قَالَتْ: فَحَمَلْنَاهُ إِلَى خِيَمٍ

صفحه از 197