مسند نساء الشيعة - صفحه 120

لَنَا، فَقَالَ النَّاسُ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى كَاهِنٍ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ يُدَاوِيَهُ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا بِي شَيْءٌ مِمَّا تَذْكُرُونَ ، وَ إِنِّي أَرَى نَفْسِي سَلِيمَةً وَ فُؤَادِي صَحِيحا بِحَمْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّاسُ: أَصَابَهُ لَمَمٌ أَوْ طَائِفٌ مِنَ الْجِنِّ.
قَالَتْ: فَغَلَبُونِي عَلَى رَأْيِي حَتَّى انْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى كَاهِنٍ فَقَصَصْتُ قِصَّتَهُ، قَالَ: دَعِينِي أَنْ أَسْمَعَ مِنَ الْغُلَامِ؛ فَإِنَّ الْغُلَامَ أَبْصَرُ بِأَمْرِهِ مِنْكُمْ، تَكَلَّمْ يَا غُلَامُ. قَالَتْ حَلِيمَةُ: فَقَصَّ ابْنِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله قِصَّتَهُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَوَثَبَ الْكَاهِنُ قَائِما عَلَى قَدَمَيْهِ، وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا آلَ الْعَرَبِ، يَا آلَ الْعَرَبِ، مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ! اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَ اقْتُلُونِي مَعَهُ؛ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُ وَ أَدْرَكَ مُدْرَكَ الرِّجَالِ لَيُسَفِّهَنَّ أَحْلَامَكُمْ، وَ لَيُبْدِلَنَّ أَدْيَانَكُمْ، وَ لَيَدْعُوَنَّكُمْ إِلَى رَبٍّ لَا تَعْرِفُونَهُ وَ دِينٍ تُنْكِرُونَهُ! قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْتُ مَقَالَتَهُ انْتَزَعْتُهُ مِنْ يَدِهِ وَ قُلْتُ: أَنْتَ أَعْتَهُ وَ أَجَنُّ مِنِ ابْنِي! وَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْكَ مَا أَتَيْتُكَ بِهِ، اطْلُبْ لِنَفْسِكَ مَنْ يَقْتُلُكَ ؛ فَإِنَّا لَا نَقْتُلُ مُحَمَّدا !
فَاحْتَمَلْتُهُ وَ أَتَيْتُ بِهِ مَنْزِلِي، فَمَا بَقِيَ يَوْمَئِذٍ فِي بَنِي سَعْدٍ بَيْتٌ إِلَا وَ وُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ. وَ كَانَ يَنْقَضُّ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ يَغِيبَانِ فِي ثِيَابِهِ وَ لَا يَظْهَرَانِ، فَلَمَّا رَأَى أَبُوهُ ذَلِكَ قَالَ لِي: يَا حَلِيمَةُ، إِنَّا لَا نَأْمَنُ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ، وَ قَدْ خَشِيتُ عَلَيْهِ مِنْ تُبَّاعِ الْكَهَنَةِ، فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ عِنْدَنَا شَيْءٌ. قَالَتْ: فَلَمَّا عَزَمْتُ عَلَى ذَلِكَ سَمِعْتُ صَوْتا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُنَادِي: ذَهَبَ رَبِيعُ الْخَيْرِ وَ أَمَانُ بَنِي سَعْدٍ، هَنِيئا لِبَطْحَاءِ مَكَّةَ إِذَا كَانَ مِثْلُكَ فِيهَا يَا مُحَمَّدُ، فَالآنَ قَدْ أَمِنَتْ أَنْ تَخْرَبَ أَوْ يُصِيبَهَا بُؤْسٌ بِدُخُولِكَ إِلَيْهَا يَا خَيْرَ الْبَشَرِ. قَالَتْ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَكِبْتُ أَتَانِي وَ وَضَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله بَيْنَ يَدَيَّ، فَلَمْ أَكُنْ أَقْدِرُ أُفَارِقُهُ مِمَّا كُنْتُ أُنَادَى يَمْنَةً وَ يَسْرَةً، حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى الْبَابِ الأَْعْظَمِ مِنْ أَبْوَابِ مَكَّةَ وَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مُجْتَمِعُونَ، فَنَزَلْتُ لأَِقْضِيَ حَاجَةً، وَ أَنْزَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَغَشِيَتْنِي كَالسَّحَابَةِ الْبَيْضَاءِ، وَ سَمِعْتُ وَجْبَةً شَدِيدَةً فَفَزِعْتُ وَ جَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً، وَ نَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَصِحْتُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، الْغُلَامَ الْغُلَامَ! قَالُوا: وَ مَنِ الْغُلَامُ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ آمِنَةَ. قَالُوا:

صفحه از 197