الْعَطَّارِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَْنْصَارِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ حَارِثَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْجَوْنِ قَالَتْ:نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله بِخَيْمَةِ خَالَتِهَا أُمِّ مَعْبَدٍ وَ مَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الشَّاةِ مَا قَدْ عَرَفَهُ النَّاسُ، فَقَالَ فِي الْخَيْمَةِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّى أَبْرَدَ، وَ كَانَ يَوْمٌ قَائِظٌ شَدِيدٌ حَرُّهُ، فَلَمَّا قَامَ مِنْ رَقْدَتِهِ دَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ فَأَنْقَاهُمَا، ثُمَّ مَضْمَضَ فَاهُ وَ مَجَّهُ عَلَى عَوْسَجَةٍ كَانَتْ إِلَى جَنْبِ خَيْمَةِ خَالَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَ اسْتَنْشَقَ ثَلَاثا، وَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَ رِجْلَيْهِ وَ قَالَ: لِهَذِهِ الْعَوْسَجَةِ شَأْنٌ. ثُمَّ فَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَعَجِبْتُ وَ فَتَيَاتُ الْحَيِّ مِنْ ذَلِكَ ، وَ مَا كَانَ عَهِدْنَا وَ لَا رَأَيْنَا مُصَلِّيا قَبْلَهُ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَصْبَحْنَا وَ قَدْ عَلَتِ الْعَوْسَجَةُ حَتَّى صَارَتْ كَأَعْظَمِ دَوْحَةٍ عَادِيَةٍ وَ أَبْهَى، وَ خَضَدَ اللّهُ شَوْكَهَا، وَ سَاخَتْ عُرُوقُهَا، وَ كَثُرَتْ أَفْنَانُهَا، وَ اخْضَرَّ سَاقُهَا وَ وَرَقُهَا، ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَ أَيْنَعَتْ بِثَمَرٍ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَمْأَةِ فِي لَوْنِ الْوَرْسِ الْمَسْحُوقِ وَ رَائِحَةِ الْعَنْبَرِ وَ طَعْمِ الشَّهْدِ. وَ اللَّهِ مَا أَكَلَ مِنْهَا جَائِعٌ إِلَا شَبِعَ، وَ لَا ظَمْآنُ إِلَا رَوِيَ، وَ لَا سَقِيمٌ إِلَا بَرَأَ، وَ لَا ذُو حَاجَةٍ وَ فَاقَةٍ إِلَا اسْتَغْنَى، وَ لَا أَكَلَ مِنْ وَرَقِهَا بَعِيرٌ وَ لَا نَاقَةٌ وَ لَا شَاةٌ إِلَا سَمِنَتْ وَ دَرَّ لَبَنُهَا، وَ رَأَيْنَا النَّمَاءَ وَ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِنَا مُنْذُ يَوْمَ نَزَلَ، وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُنَا وَ أَمْرَعَتْ، فَكُنَّا نُسَمِّي تِلْكَ الشَّجَرَةَ الْمُبَارَكَةَ، وَ كَانَ يَنْتَابُنَا مَنْ حَوْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِهَا، وَ يَتَزَوَّدُونَ مِنْ وَرَقِهَا فِي الأَْسْفَارِ، وَ يَحْمِلُونَ مَعَهُمْ فِي الأَْرْضِ الْقِفَارِ، فَيَقُومُ لَهُمْ مَقَامَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ .
فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ، وَ عَلَى ذَلِكَ أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدْ تَسَاقَطَ ثِمَارُهَا وَ اصْفَرَّ وَرَقُهَا، فَأَحْزَنَنَا ذَلِكَ وَ فَرِقْنَا لَهُ، فَمَا كَانَ إِلَا قَلِيلٌ حَتَّى جَاءَ نَعْيُ رَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تُثْمِرُ ثَمَرا دُونَ ذَلِكَ فِي الْعِظَمِ وَ الطَّعْمِ وَ الرَّائِحَةِ، فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ يَوْمٍ أَصْبَحْنَا وَ إِذَا بِهَا قَدْ تَشَوَّكَتْ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى