اسْتَدَلَّ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلَى فَضْلِهِ فِي قِصَّةِ شُورَى بِمَحْضَرٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَمَا كَانَ فِيهِمْ إِلَا مَنْ عَرَفَهُ وَ أَقَرَّ بِهِ، وَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ كَالْعِلْمِ بِالشُّورَى نَفْسِهَا فَصَارَ مُتَوَاتِرا، وَ لَيْسَ فِي الأُْمَّةِ عَلَى اخْتِلَافِهَا مَنْ دَفَعَ هَذَا الْخَبَرَ. وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعَزِيزِ كَادِشٌ الْعُكْبَرِيُّ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْحَرْبِيِّ الْعُشَارِيِّ، عَنِ ابْنِ شَاهِينَ الْوَاعِظِ فِي كِتَابِهِ مَا قَرُبَ سَنَدُهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْفَرَائِضِيُّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ قَالَ نُعَيْمُ بْنُ سَالِمِ بْنِ قَنْبَرٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْخَبَرَ وَ قَدْ أَخْرَجَهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي كِتَابِ قُرْبِ الإِْسْنَادِ وَ قَدْ رَوَاهُ خَمْسَةٌ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلاً مِنَ الصَّحَابَةِ، عَنْ أَنَسٍ وَ عَشَرَةٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَقَدْ صَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَ النَّبِيَّ يُحِبَّانِهِ، وَ مَا صَحَّ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ، فَيَجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَ مَنْ عَزَى خَبَرَ الطَّائِرِ إِلَيْهِ قَصَّرَ الإِْمَامَةَ عَلَيْهِ.
وَ مَجْمَعُ الْحَدِيثِ أَنَّ أَنَسا تَعَصَّبَ بِعِصَابَةٍ فَسُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ: هَذِهِ دَعْوَةُ عَلِيٍّ. قِيلَ: وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله طَائِرٌ مَشْوِيٌّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلْ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ. فَجَاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله عَنْكَ مَشْغُولٌ، وَ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ثَانِيا، فَجَاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ثَالِثا، فَجَاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله عَنْكَ مَشْغُولٌ. فَرَفَعَ عَلِيٌّ صَوْتَهُ وَ قَالَ: وَ مَا يَشْغَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله عَنِّي، وَ سَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَقَالَ: يَا أَنَسُ، مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: ائْذَنْ لَهُ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَحَبِّ خَلْقِهِ إِلَيْهِ وَ إِلَيَّ أَنْ يَأْكُلَ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ، وَ لَوْ لَمْ تَجِئْنِي فِي الثَّالِثَةِ لَدَعَوْتُ اللَّهَ بِاسْمِكَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِكَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ يَرُدُّنِي أَنَسٌ وَ يَقُولُ: رَسُولُ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله : مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قُلْتُ: أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي. فَرَفَعَ عَلِيٌّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْمِ أَنَسا بِوَضَحٍ لَا يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ. ۱
1.بحار الأنوار، ج ۳۸، ص ۳۵۱ ـ ۳۵۳ .