الروضات (شرح زيارت رجبيه) - صفحه 565

الفقر ، ليس إلّا ذاتا و صفةً و فعلاً ، و تحته سرّ .
فالفقر السازج أوّل الصادر عنه و أشرف من جميع ما عداه ، و هو الوجود المطلق و المشيّة الإطلاقيّة و الحقيقة المحمّديّة صلى الله عليه و آله ؛ كما قال : الفقر فخري . ۱
و الفقر الحقيقي السازج ما لا يملك ذاته و صفته و فعله ، فمولاه هو الغني ، و حينئذ لا فرق بينه صلى الله عليه و آله و بينه تعالى إلّا أنّه عبده ، و العبد لا يملك شيئا و لو فاضل الضريبة ، ۲ فلا شيئيّة له بالحقيقة ، و إنّما هو الشيء بحقيقة الشيئيّة .
و إن لاحظت احتجابه و اختفاءه فما في الوجود ليس إلّا الوجود المطلق الذي هو الصادر الأوّل ؛ إذ كلّ موجود يفرض فإنّما هو تحت شمول هذا الوجود المطلق ، و هو أمر واحد كلمح بالبصر أو هو أقرب ، من غير أن يتقيّد بقيد و يتعيّن بتعيّن ، و في هذا المقام الانبساطي لا نبيّ و لا جبرئيل و لا وصيّ و لا تكليف و لا فروع و لا تفويض و لا جبر ؛ لأنّهما فرع العزلة ، ۳ و قد أبطلناها بما لا مزيد عليه .
نعم مقتضى فخريّة فقر نبيّنا الخاتم تفويض جميع ما له و ما معه إلى اللّه تعالى ، و الشيء إنّما يؤثّر في مشاكله ، فاللّه تعالى فوّض إليه جميع ما له ، مَن فَوّض فُوّض ، كما هو المتحقّق بيننا ؛ حيث إنّ عبد المجازي لو فوّض جميع ما له إلى مولاه من غير أن يتصرّف في شيء من الأشياء إتيانا بما هو من لوازم العبوديّة ، لَفوّض مولاه جميع اُموره إليه ثقة به ، من خَدم خُدم ، و حمل التفويض على هذا المعنى في أخباره الكثيرة صحيح لا مزيّة فيه ، إلّا أنّ المزيّة في لازمه ، و هو أنّه هو و هو هو .
و بوجه آخر : نبيّنا أكمل الموجودات قوّةً و أوّلُها صدورا منه تعالى ، و هو بما هو أوّل الصوادر خارج عن عالم التقيّدات و الحدود ، و هو مقام فؤاده الذي هو ولايته المطلقة فوق نبوّته ؛ أي إخباره عمّا اقتضاه استعداد المستعدّين في نشأتي الملك و الملكوت فقيرة هنا وقع بعده ، و إذا وقع بعده لم يكن صادرا منه تعالى ، كما صدر الوجود المطلق الذي هو المشيّة عنه تعالى ، بمعنى كونه فعله الأوّل لا بذاته ،

1.كذا.

2.عدّة الداعي ، ص ۱۲۳ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۳۹.

3.كذا في ظاهر المخطوطتين ، ولكن يمكن قراءته «الغيرية» أيضا بدون النقطتين للياءين ، وهو الصحيح ظاهرا.

صفحه از 580