الروضات (شرح زيارت رجبيه) - صفحه 569

بعض ، و هو معنى : أبى اللّه أن يُجري الأشياء إلّا بأسبابها . 1
و السبب الأوّل الحاصل من مسبّب الأسباب من غير سبب المشيّة التي هي الحقيقة المحمّديّة صلى الله عليه و آله ، ثمّ إن وُجدت الأشياء على ترتّبها على نحو ما عرفت منّا غير مرّة ، و إن اُطلق على مثله التفويض ، فهو ثابت بحكم البراهين المتقدّمة ؛ لكفاية البينونة بالصفة في إثبات الوجودات المختلفة بالشدّة و الضعف و في إطلاق التفويض على مثله و إن لم يصحّ على أصل الوحدة بما هي وحدة ، فأين التفويض؟!
و كذا إن لوحظ أنّ الظاهر في عالم الظهور إنّما هو الفعل الأوّل المطلق المنبسط على ما تحته مختلفة الأشياء النازلة إنّما يكون بذلك الصادر الأوّل الذي سبقه الذات الواجبيّة تقدّما بالذات بحكم العقل و البرهان ، الذي مرّ بيانه بطرق متعدّدة .
و هذا تفويض ثابت بالدليل ، لا المذموم منه ، بل بمعنى أنّهم عليهم السلام خلقهم اللّه ، أو خُلقوا على صورة مشيّته تعالى ليُجرَوا عليها ؛ لأنّ الأثر على شاكلته مؤثّرة ، و ظلُّ كلّ شاخص حاك عنه لا عن غيره ، فإذا شاؤوا شاء اللّه ؛ لأنّهم في الحقيقة محالّ مشيّته تعالى ، فإذا شاؤوا فإنّما شاء اللّه .
و كذا حال ما تحتهم من مشاكلاتهم إلى أخير المراتب ، و تحته كلّ شيء من خلق الأجسام و تقسيم الأرزاق و إعطاء كلّ مستحقّ حقّه من كمالاته الأوّليّة التي منها وجود ذاته و كمالاته الثانويّة التي هي صفاته و كمالاته التابعة للثانويّة التي هي أفعاله ، إلى غير ذلك من جميع ما هو في التكوينيّات و التكليفيّات و التقرّبيّات و التعبّديّات .
فالأصل الأوّل هو الفعل الأوّل و الحقيقة المحمّديّة صلى الله عليه و آله المنشعبة إلى اُصول مصحوبة لفروع كثيرة ، فإن اُطلق التفويض على مثله فهو موجود ، و إلّا إذ لا عزلة في طريق الوحدة حتّى يتخيّل التفويض ، فلا فنذكر بعض ما يتعلّق بالفيض الأوّل الأقدس و مفيضه ؛ كي يقاس عليه ما تحته معه على حذوه . بيانه يستدعي أن يقال : كما يجب على اللّه التفويض لمحمّد صلى الله عليه و آله في ما أطاعه ، فكذا يجب عليه التفويض لمن أطاعه ، و هكذا إلى أخير المراتب و الشواكل التي على صفات عواملها ؛ «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۸۳ ، ح ۷.

صفحه از 580