الروضات (شرح زيارت رجبيه) - صفحه 549

حاصله : أنّهم مرحومون بالرحمة الواسعة على كلّ شيء ، و أنّا آمنّا به بعد ما عرفناه هكذا ، و ثبّت أقدامنا عليه . و أمّا الدعاء فخذ منه الغاية ، و اترك المبادي ، أو اجعله بمعنى الثناء عليه و آله و تزكيتهم . و أمّا الاستغفار فلأنّ اللّه تعالى يغفر لهم ما تقدّم من الذنوب و ما تأخّر ، سواء كانت ما تحملوه عن شيعتهم ـ و فيه تجوّز ؛ لأنّ نسبة الاستغفار إليه تعالى إنّما يكون باعتبار ملائكته ، كما ورد عن الصادق عليه الصلاة و السلام : إنّ للّه تعالى ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا ، كما يسقط الريح الورق أوان سقوطه ، ۱ ـ أو كانت الحجب المتخلّلة المتفاوتة بالغلظة و الرقّة ، كما أشار إليه التوصيف بالحجب في الزيارة أن جُعلت صفة لمحمّد صلى الله عليه و آله و أوصيائه ؛ إذ محمّد صلى الله عليه و آله و إن كانت بعض مراتبه بلا حجاب ـ و هي حين كان أوّل ما خلق اللّه ؛ لأنّه نور واسع محيط ، و النور مناف للظلمة و مضادّ لها ـ إلاّ أن يكون سائر مراتبه مشحونة بالحجاب ، بل الحجب ، كما للأئمّة عليهم السلام ؛ إذ لا يمكن انفكاك الحجاب عنهم عليهم السلام حين كانوا أئمّة ، كيف و بين الإمام و بينه تعالى حجاب النبوّة ، بل بينه تعالى و بين النبوّة برزخ الولاية ، فكانوا هم الحجب دائما لحجب العرضيّة ؛ ليكون الكلّ في درجة واحدة . بل الحجب الطوليّة حسب الترتّب يكون الثمانية الذين منهم القائم عليه السلام ، و هو بعد الحسن عليه السلام ، و هو بعد عليّ عليه السلام ، ۲ و هو عبد من عبيد محمّد صلى الله عليه و آله .
و في لفظ «الحجب» دلالة على كون الأئمّة عليهم السلام بعد النبي صلى الله عليه و آله ، و على االترتيب الطولي بالسببيّة و المسبّبيّة إن جعلت صفة للأوصياء ، و على كون الجميع بعد الذات الأحديّة بعديّة ترتيبيّة إن جعلت صفة للكلّ . و الحلقة لا يتصوّر إلّا بالاحتجاب ، كما في مثال «إنّ الألف حاصلة بالنقطة ، و إذا ظهرت الألف خفيت النقطة ، فصارت غيبا فيها لا بالممازجة أو بالمزايلة» و هو معنى ظهور الألف بالنقطة و موجوديّتها بها ، و كذا الألف بالنسبة إلى سائر الحروف .
و على هذا نفس المشيّة التي هي الحقيقة المحمّديّة و إن كانت نورا ساطعا و ظهورا لامعا ، إلّا أنّها الاسم الأعظم و الحجاب الأكبر ، تجلّى لها و بها ، امتنع عنها كما أنّ ظهور

1.كذا.

2.الكافي ، ج ۸ ، ص ۳۳ ، خطبة الطالوتيّة ، ح ۶ .

صفحه از 580